العالم المسيحي تقريبا ... والإسلام هو القوة الإيجابية الوحيدة التي انتزعت من بين المسيحيين أناسا دخلوا في الدين الجديد وآمنوا به.. بعشرات الملايين, وهو القوة الوحيدة التي أعلنت أن العقيدة المسيحية ليست مزيفة فحسب، بل إنها تدعو إلى التقزز والنفور".
"وإنه لمن المشكوك فيه أن يكون الغربيون -حتى أولئك الذين لا يدركون إطلاقا أنهم اشتبكوا في مثل هذه الأمور- قد تغلبوا قط على آثار ذلك الصراع الرئيسي المتطاول الأمد.. أو على آثار الحروب الصليبية التي استغرقت قرنين من الحرب "العقيدية" العدوانية المريرة"1.
وفي هذا وذاك تفسير لهذه الظاهرة التي تبدو غريبة لأول وهلة، وهي أن أوروبا قد أهملت الدين في حياتها، ولكنها لم تنس الروح الصليبية التي أججتها ظروف الحرب والصراع في نفوسهم من قديم.
وحين قامت الثورة الصناعية اتسم "الاستعمار" عامة بالصبغة الاقتصادية؛ لأنه كان بحثا عن الموارد الرخيصة من جهة، والأسواق المضمونة لتوزيع فائض الإنتاج من جهة أخرى.. وشمل الاستعمار كل أرض مستضعفة سواء كانت أرضا إسلامية أو غير إسلامية، ومع ذلك لم ينس الصليبيون صليبيتهم إزاء المسلمين، فحيثما كانت الأرض المستعمرة غير إسلامية اكتفى الاستعمار بنهب الخيرات وتوزيع فائض الإنتاج ... أما حيث تكون الأرض إسلامية فالعناية الأولى موجهة لمحو الإسلام عن طريق التبشير والغزو الفكري ومناهج التعليم التي تفرض على المسلمين ووسائل الإعلام التي توجه إليهم، ثم يأتي بعد ذلك نهب الخيرات وتوزيع فائض الإنتاج. وخير مثال لذلك استعمار البريطانيين للهند، فقد كان أول عمل لهم هو إزالة الحكم الإسلامي في الهند، ثم تركوا الهنود لمعتقداتهم وعاداتهم وتقاليدهم لم يتعرضوا لهم بشيء، ووجهت الحرب الضارية ضد المسلمين وحدهم، فصودرت الأوقاف المرصودة للتعليم الإسلامي فجفت منابعه، وحورب المسلمون في الوظائف العامة وأعطيت للوثنيين الهنود، ووجه الغزو الفكري ضد المسلمين لإخراجهم من حقيقة الإسلام!