يقول "ولفرد كانتول سميث" المستشرق الكندي المعاصر في كتاب "الإسلام في التاريخ الحديث Islam in Modern History:

"إلى أن قام كارل ماركس وقامت الشيوعية، كان النبي "يقصد الإسلام" هو التحدي الحقيقي الوحيد للحضارة الغربية الذي واجهته في تاريخها كله، وإنه لمن المهم أن نتذكر كم كان هذا التحدي حقيقيا، وكم كان يبدو في يوم من الأيام تهديدا خطيرا حقا".

"لقد كان الهجوم مباشرا، في كلا الميدانين: الحربي والعقيدي، وكان قويا جدا، ولا شك أنه بالنسبة للمسلمين يبدو أنه الحق والصواب، والأمر الطبيعي المحتوم، أن يمتد الإسلام كما امتد، ولكن الأمر كان مختلفا بالنسبة للشخص الواقع خارج نطاق الإسلام، الذي لم يكن يرى فيه شيئا من ذلك كله، والذي كان التوسع الإسلامي يقع على حسابه، وقد كان هذا التوسع إلى حد كبير على حساب الغرب. فقد فقدت المسيحية دفعة واحدة "أجمل مقاطعات الإمبراطورية الرومانية" لتتسلمها منها القوة الجديدة، وكانت في خطر من ضياع الإمبراطورية بكاملها، وعلى الرغم من أن القسطنطينية لم تقع -تماما- في يد الجيوش العربية كما وقعت مصر وسوريا، فقد استمر الضغط عليها فترة طويلة، وفي موجة التوسع الإسلامي الثانية وقعت القسطنطينية بالفعل سنة 1453، وفي قلب أوروبا المفزعة ذاتها أحاط الحصار بفينا سنة 1529 بينما ظل الزحف الذي بدا عنيدا لا يلين، مستمرا في طريقه، وحدث ذلك مرة أخرى في وقت قريب لم يتطاول عليه العهد في سنة 1683، وإن وقوع تشيكوسلوفاكيا في قبضة الشيوعة عام 1948 لم يكن له قط في العصر الحديث ذلك الفزع في نفوس الغرب المتهيب، كما كان لذلك الزحف المستمر قرنا بعد قرن، من تلك القوة الضخمة المهددة التي كانت لا تكلف ولا تهدأ ويتكرر انتصارها مرة بعد مرة".

"وكما هو الأمر مع الشيوعية كذلك كان التهديد والانتصارات "الإسلامية" قائمين في عالم القيم والأفكار أيضا. فقد كان الهجوم الإسلامي موجها إلى عالم النظريات كما هو موجه إلى عالم الواقع،.. وقد عملت العقيدة الجديدة بإصرار على إنكار المبدأ الرئيسي للعقيدة المسيحية، التي كانت بالنسبة لأوروبا العقيدة السامية التي أخذت في بطء تبني حولها حضارتها.. وكان التهديد الإسلامي موجها بقوة وعنف وكان ناجحا ومكتسحا في نصف

طور بواسطة نورين ميديا © 2015