"كانت فرنسا وأسبانيا قد تطلعتا إلى إيطاليا واستهدفتا تحقيق غرضين هما: التوسع الإقليمي بالاستيلاء على ممتلكات جديدة في شبه الجزيرة الإيطالية, ثم السيطرة والتفوق السياسي في القارة الأوروبية، كانت كل منهما تمثل الدولة الملكية الموحدة ذات الحكومة المركزية، وكانت كل منهما أيضا، "والقرن الخامس عشر يلفظ أنفاسه الأخيرة". في طليعة الدول اللاتينية والكاثوليكية في غرب أوروبا، وقد بلغت كلتاهما مستوى من التقدم الحضاري -الثقافي والمادي- يفوق كثيرا المستوى السائد في شرق أوروبا، وكان من المتوقع أن تركز هاتان الدولتان جهودهما لتنشيط حركة البعوث الكشفية الجغرافية لتحقيق مزيد من النجاح بعد أن بدت تباشير اكتشاف عالم جديد يتيح آفاقا جديدة رحيبة للتجارة والثراء والقوة، ولكن بدد ملوك أسبانيا وفرنسا قواهم طوال فترة امتدت زهاء خمسة وستين عاما في صراع مرير استهدف السيطرة على إيطاليا، وأنزل بهم جميعا أضرارا فادحة. وأذل بلادا متحضرة شهدت مولد النهضة الأوروبية في فجر التاريخ الحديث.. وقد أدى هذا الصراع إلى أفول النهضة الإيطالية، وخضوع إيطاليا لصرامة الحكم الأجنبي"1.
ولنستعرض فقط بعض عناوين الكتاب ذات الدلالة على الدوامة التي اجتاحت أوروبا في ذلك الحين بسبب التنافسات القومية: أحلام شارل الثامن ملك فرنسا, مقدمات التدخل الفرنسي في إيطاليا, الزحف الفرنسي الخاطف على إيطاليا, نجاح انسحاب الجيش الفرنسي من إيطاليا, فرنسا تكتسح دوقية ميلان, فرنسا تروم استكمال سيطرتها على إيطاليا, هزيمة ملكة نابولي, بابا جديد يكتل نصف أوروبا ضد جمهورية البندقية, الحلف المقدس ضد فرنسا سنة 1511, انتصار الفرنسيين في معركة رافنا سنة 1512, توسيع قاعدة الحلف المقدس ضد فرنسا, انتكاس فرنسا عسكريا, انتقام البابا, أطماع البابا, عودة إلى سياسة الأحلاف العسكرية, القوات السويسرية تحسم الموقف لصالح حلف مالين, أطماع فرنسوا الأول ملك فرنسا, موقعة مارينيان ونتائجها, اشتداد المنافسة بين ملكي فرنسا وأسبانيا على منصب الإمبراطور, انتخاب ملك أسبانيا