كلا! ليس ذلك من "شيم" القوميات والوطنيات إلا أن تكون في حالة من الضعف الشديد لا تقدر فيها على العدوان! أما إن كانت في حالتها "الطبيعية" أي: تملك وسائل القوة، فإن أول ما تتجه إليه هو السعي إلى توسيع رقعتها على حساب قومية أخرى أضعف منها، أو تظن فيها أنها أضعف منها! كما يسعى الوحش إلى الصدام مع من يتوسم فيه الضعف ليفترسه!
يقول الأستاذ الندوي بعد النص الذي نقلناه:
"لما قضت حركة لوثر التي تدعى حركة إصلاح الدين على وحدة أوروبا الثقافية والدينية انقسمت هذه القارة في إمارات شعبية مختلفة، وأصبحت منازعاتها ومنافساتها خطرا خالدا على أمن العالم"1.
وبالفعل نشب صراع عنيف داخل أوروبا بين هذه القوميات الناشئة بعضها وبعض.
ولنأخذ مثالا واحد على ذلك ما يعرف في التاريخ الأوروبي بالحروب الإيطالية.
يقول الدكتور عبد العزيز محمد الشناوي أستاذ التاريخ الحديث بقسم الدراسات العليا بكلية البنات الإسلامية بجامعة الأزهر في كتابه "أوروبا في مطلع العصور الحديثة" تحت عنوان "تعريف بمصطلح الحروب الإيطالية": "الحروب الإيطالية هي حروب منقطعة نشبت بين فرنسا وإسبانيا خلال فترة استطالت خمسة وستين عاما "1494-1559" وكانت هذه الحروب مظهرا من مظاهر التنافس الدولي بين هاتين الدولتين من أجل السيطرة والنفوذ في أوروبا، والرغبة في التوسع الإقليمي داخل القارة، وقد بدأ هذا التنافس بين فرنسا وأسبانيا قبل أن يلفظ القرن الخامس عشر أنفاسه الأخيرة، واقترن بصراع حربي مرير خاضته الدولتان، وكانت شبه الجزيرة الإيطالية ميدانا لتصارع الجيوش الفرنسية والأسبانية خلال المراحل الأولى لهذه الحروب التي تطورت بعد ذلك إلى نضال أوروبي اتسع نطاقه وانتقل إلى ميادين متعددة خارج شبه الجزيرة الإيطالية"2.
ثم يقول بعد ذلك بصفحات تحت عنوان "الموقف الدولي عند نشوب الحروب الإيطالية":