وادعاءها الحق في فرض الضرائب وفي حل ارتباطات الولاء.. لذلك كفوا عن احترام ما لها من سلطان وممتلكات".

"ولقد ظل هذا الخروج عن الطاعة يصدر من الأمراء والحكام طوال العصور الوسطى بأكملها، بيد أن الأمراء لم يشرعوا في التفكير جديا في الانفصال عن المذهب الكاثوليكي وإقامة كنائس جزئية منفصلة إلا عندما أخذت الكنيسة في القرن السادس عشر تنضم علنا لخصمها القديم -الإمبراطور- عندما قدمت إليه التأييد وقبلت منه المساعدة في حملتها على الهراطقة، وما كانوا ليقدموا على ذلك أبدا لولا أنهم أيقنوا أن سيطرة الكنيسة على أذهان الجماهير قد ضعفت".

"ولما انفصلت إنجلترا واسكتلندا والسويد والنرويج والدانمارك، وشمال ألمانيا وبوهيميا عن الارتباط بروما، أظهر الأمراء وغيرهم من الوزراء أقصى بوادر القلق والاهتمام بحفظ زمام الحركة في أيديهم.. وذلك أنهم كانوا لا يسمحون من الإصلالح إلا بالقدر الذي يمكنهم من فصم العلاقة مع روما. فأما ما تجاوز ذلك، وأما أي انفصام خطر يتجه بالأفكار إلى تعاليم يسوع البدائية، أو التفسير الفج المباشر للكتاب المقدس فكانوا يقاومونها".

والذي يهمنا الآن -بصدد موضوعنا الذي نعالجه- أن حركات الانفصال هذه -أيا كان العنوان الذي قامت تحته- كانت هي البداية لظهور القوميات في أوروبا.

يقول الأستاذ الندوي "ص211, 212 من كتاب "ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين"".

"والدين السماوي مهما تحرف وتغير لا يعرف الفروق المصطنعة بين الإنسان والإنسان، ولا يفرق بين الأجناس والألوان والأوطان، فجمعت النصرانية الأمم الأوروبية تحت لواء الدين، وجعلت من العالم النصراني عشيرة واحدة، وأخضعت الشعوب الكثيرة للكنيسة اللاتينية فقلت العصبية القومية والنعرة الوطنية، وشغلت الأمم عنها لمدة طويلة، ولكن لما قام لوثر "1483-1546م" بحركته الدينية الإصلاحية الشهيرة ضد الكنيسة اللاتينية رأى أن من مصلحة مهمته أن يستعين بالألمان بني جنسه، ونجح في عمله نجاحا لا يستهان بقدره، وانهزمت الكنيسة اللاتينية في عاقبة الأمر فانفرط عقدها، واستقلت الأمم، وأصبحت لا تربطها رابطة، ولم تزل كل يوم تزداد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015