القومية الوطنية

...

القومية والوطنية:

الوطنية معناها أن يشعر جميع أبناء الوطن الواحد بالولاء لذلك الوطن، والتعصب له، أيا كانت أصولهم التي ينتمون إليها، وأجناسهم التي انحدروا منها. أي: إن الولاء فيها للأرض بصرف النظر عن القوم أو اللغة أو الجنس.

والقومية معناها أن أبناء الأصل الواحد واللغة الواحدة ينبغي أن يكون ولاؤهم واحدا وإن تعددت أرضهم وتفرقت أوطانهم، وإن كان معناها أيضا السعي في النهاية إلى توحيد الوطن بحيث تجتمع القومية الواحدة في وطن شامل، فيكون الولاء للقومية مصحوبا بالولاء للأرض.. ولكن الولاء للقومية يظل هو الأصل ولو لم تتحقق وحدة الأرض.

وأيا كانت التعريفات النظرية للقومية والوطنية، فالذي يهمنا بادئ ذي بدء أن نتعرف على منشئها في أوروبا، ثم آثارها التي ترتبت عليها في التاريخ البشري الحديث.

كانت أوروبا في وقت من الأوقات وحدة سياسية تجمع قوميات ولغات وأجناسا شتى، في ظل الإمراطورية الرومانية، ولم يكن هذا التجمع يشكل "أمة" بالمعنى الحقيقي، فقد كانت الدولة الأم هي "الأمة" في نظر نفسها وفي نظر المستعمرات التي استولت عليها وألحقتها بالإمبراطورية، كما كانت الدولة الأم هي "السيد" والمستعمرات هي "العبيد" ولم تمتزج شعوب الإمبراطورية قط في وحدة حقيقية كالتي جمعت الأمة الإسلامية -أمة العقيدة- التي انصهرت القوميات والأجناس واللغات فيها في بوتقة العقيدة فصارت أمة واحدة على مستوى واحد، هي "الأمة الإسلامية".

في مجتمع المدينة كان بلال الحبشي وصهيب الرومي وسلمان الفارسي في القمة من ذلك المجتمع، مع السادة من قريش، وكان الرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول: "سلمان منا أهل البيت" وكان عمر رضي اله عنه يقول: "أبو بكر سيدنا، وأعتق سيدنا" إشارة إلى بلال رضي الله عنه, فكأنه -وهو في الذؤابة من قريش- يقول عن بلال: "سيدنا بلال" وهي قمة لم تصل إليها البشرية في تاريخها كله إلا في أمة العقيدة.

ثم انساح المسلمون في الأرض وفتحوا ما فتحوا من البلاد لا لينشئوا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015