ما يمكن أن يدخل في "أبواب كل شيء" وهذا الجزء وحده من هذه السنة قد استغرق قرنين كاملين من الزمان. ولد فيه أفراد -بل أجيال- قضوا أعمارهم في هذه الحياة ورحلوا، ولما تتحقق بقية السنة المذكورة في الآية: {حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ} بل توهم أناس في وقت من الأوقات أن هذه الأبواب المفتوحة ستظل مفتوحة إلى الأبد لا تغلق ولا تتهدم على أصحابها مهما ارتكبوا من آثام!

واليوم بدأ مفكرو الغرب أنفسهم يدركون أن "حضارتهم" آيلة إلى الانهيار، وبدءوا ينذرون قومهم إذا استمروا في البعد عن "القيم الروحية" كما يسمونها1 أن يصيبهم الدمار الذي أصاب أمما من قبلهم، ولكن كم يستغرق ذلك من الزمان؟ جيلا أو أجيالا كما استغرق تحقيق الجزء الأول من سنة الله!

لذلك يوجه الله "العقل "أن يتدبر التاريخ! فالتاريخ هو المجال الواسع الذي تتحقق فيه السنن الربانية بأكملها، سواء منها ما يتحقق في عمر الفرد وما يتحقق في عمر الأجيال، والأغلب هو الأخير!

تدبر التاريخ إذن هو في الواقع تدبر السنن الربانية في واقعها التاريخي الذي يمتد خلال القرون، ورؤية الطريقة الواقعية التي تتحقق بها تلك السنن في حياة الأمم والأفراد, لتتحقق العبرة الكاملة في نفوس الناس, فيسايروا هذه السنن ولا يصادموها، ولا يقول قائل لنفسه -على سبيل المثال- هاأنذا قد عشت في المجتمع الفاسد عمري كله وشاركته الفساد فلا أنا أصابني الدمار ولا المجتمع الذي عشت فيه! ولا يقول قائل لنفسه لماذا أجهد نفسي في تقويم المجتمع من انحرافه الخلقي أو الفكري أو الروحي.. ما دام هذا المجتمع يملك القوة العسكرية والقوة السياسية والقوة الاقتصادية التي تسنده وتمنعه من الدمار! ولا يقول قائل لنفسه: ما قيمة "القيم"؟ وما فائدة "الدين"؟ وما معنى "الأخلاق"؟ إذا كان يمكن للمجتمع أن يعيش متماسكا قويا بغير ذلك كله عدة قرون؟!

تلك عبرة دراسة التاريخ ...

إن التاريخ لا يدرس -من وجهة النظر الإسلامية- لتسجيل انتصارات

طور بواسطة نورين ميديا © 2015