والشعراء وكبار العلماء الروحانيين في جميع الأزمان، فإننا استطعنا أن نفهم جوانب معينة فقط من أنفسنا، إننا لا نفهم الإنسان ككل.. إننا نعرفه على أنه مكون من أجزاء مختلفة. وحتى هذه الأجزاء ابتدعتها وسائلنا، فكل واحد منا مكون من موكب من الأشباح تسير في وسطها حقيقة مجهولة".
"وواقع الأمر أن جهلنا مطبق. فأغلب الأسئلة التي يلقيها على أنفسهم أولئك الذين يدرسون الجنس البشري تظل بلا جواب ... "1.
ومر بنا من نماذج القصور في رؤية الإنسان وطريقة علاجه للأمور ما يغنينا عن المزيد.
إنما الله هو العليم الخبير لا الإنسان!
{أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} 2.
{وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} 3.
{قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا} 4.
{وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ} 5.
{يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ، وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا، يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الإِنْسَانُ ضَعِيفًا} 6.
من أي جانب إذن عالجت قضية التشريع، فالتشريع هو حق الله تبارك وتعالى، وليس الإنسان مأذونا له ولا هو صالح لوضع منهج حياته.. إلا ما أذن الله له فيه. وسنرى في النقاط التالية بأي شيء أذن الله للإنسان، يعمل فيه عقله ويجتهد فيه.
إذا جاوزنا هذه الأمور الثلاثة، التي نصح العقل ألا يتناولها كقضية الذات الإلهية وقضية القدر، أو منع منعا جازما منها كقضية التشريع، فكل المجالات الأخرى مباحة للعقل ومتاحة له، بل هو -في الإسلام- مدعو إليها دعوة