كان العمال في الرأسمالية خاضعين للظلم الواقع عليهم من أصحاب رءوس الأموال، يسرقون كدحهم ويأكلون جهدهم ولا يعطونهم إلا الكفاف.. ففكر "الإنسان" في طريقة لرفع ذلك الظلم فابتدع الشيوعية.. فأزيلت الملكية الفردية كلها وأصبحت الدولة هي المالك الوحيد. فوقع الناس جميعا في الذل المهين للمالك الجديد، يستعبدهم بلقمة الخبز، فلا يملكون أن يفتحوا أفواههم بكلمة نقد واحدة للسيد المعبود!

وكانت المرأة في الجاهلية الأوروبية في عهد الإقطاع مهينة محقرة، تعير بأنها تحمل وتلد، ولا تعطى وضعها الإنساني الكريم، ففكر "الإنسان" في طريقة لرفع الظلم عن المرأة ورد الإنسانية المفقودة إليها ... فكيف فكر وكيف قدر؟ أخرجها من البيت وشغلها في المصنع والمكتب، وجعلها تختلط مع الرجل، فاشتغل الرجل والمرأة كلاهما بفتنة الجنس، وفسدت الأخلاق، وتحطمت الأسرة، وتشرد الأطفال، وانتشر الشذوذ، وفسدت الحياة!

وكانت الكنيسة في العصور الوسطى تفسد الحياة كلها بإفساد الدين، ففكر "الإنسان" في طريقة للإصلاح ... فكيف فكر وكيف قدر؟! ألغى الدين كله. بل نفى وجود الله أصلا.. ثم راح يتخبط في الظلمات!

هذا هو الإنسان "العليم الخبير! " الذي يزعم أنه شب عن الطوق ولم يعد في حاجة إلى وصاية الله! وهذه هي طريقة تفكيره حين يضع لنفسه منهج الحياة!

إنه يقع فريسة لقصور العقل البشري، وفريسة للهوى والشهوات!

إنما يلزم لمن يضع للإنسان منهج حياته أن يكون بادئ ذي بدء عالما بذلك "الإنسان" ليضع له منهجا على قده، ويلزم له أن يكون محيط العلم بماضي ذلك الإنسان وحاضره ومستقبله، لكيلا يعالج مشكلة بمشكلة جديدة، ولا يقوم انحرافا بانحراف جديد ... ويلزم له أن يكون منزها عن الغرض، منزها عن الهوى والشهوات، ليكون منهجه "موضوعيا" خالصا بالنسبة لحياة الإنسان ...

فهل كذلك الإنسان؟! وهل يمكن أن يكون كذلك في يوم من الأيام؟

يقول ألكسس كاريل عن معرفة الإنسان بنفسه:

"وفي الحق لقد بذل الجنس البشري مجهودا جبارا لكي يعرف نفسه، ولكنه بالرغم من أننا نملك كنزا من الملاحظة التي كدسها العلماء والفلاسفة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015