ليس للعقل فيه مجال ...

إنما يحتاج الإنسان لكي يدرك كيف يجري الله قدره، بخيره وشره. أن يكون على مستوى الإله، وذلك أمر لن يكون، فالله وحده هو المتفرد بالألوهية والعلم المحيط بالزمان والمكان والأشياء والأشخاص والأحداث.

ومن ثم ضل "العقل" حيثما تكلم في القدر.. واستراح القلب المؤمن المطمئن بذكر الله.

{الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} 1.

ومن لم يطمئن قلبه.. وسعى "بعقله" أن يعقل القدر.. فلأي شيء وصل من خلال الفلسفة والفكر والكلام؟!

كلا! لم يكن حجرا على "حرية الفكر" إنما صيانة لطاقة العقل أن تتبدد فيما لا طائل وراءه.. ومن أبى أن يلتزم بالحظر فقد أنهك عقله وشقي، ولم يجد في النهاية الظل الذي يفيء إليه من لفحة الرمضاء! وهي على أي حال نصيحة يلتزم بها العاقل فيجد فيها الخير، ويتجنبها من يتجنبها فيلقى جزاء المخالفة اضطرابا وحيرة لا تستقر.

أما التشريع بغير ما أنزل الله فليس الأمر فيه أمر "نصيحة" توجه إلى الناس، إنما هي قضية كفر وإيمان.

والقضية على أي حال ذات شقين، كلاهما يتعلق بالألوهية وما ينبغي لها في شأن التشريع.

الشق الأول من القضية هو المتعلق بمقام الألوهية؛ من الإله؟ من المعبود؟ من صاحب الأمر؟ وهي كلها مترتبة على سؤال أولي: من الخالق؟ من المدبر؟ من المهيمن؟ من صاحب السلطان؟ الله أم الإنسان؟

فإذا كان الله هو الخالق والإنسان هو المخلوق، فقد تحدد مقام الألوهية ومقام العبودية، وأصبح صاحب الحق في أمر التشريع -كما في كل أمر آخر- هو الله الخالق لا الإنسان المخلوق.. إلا أن يأذن له صاحب الأمر.

{أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ} 2.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015