وبذلك تقدموا بالمنهج التجريبي ذلك التقدم الهائل الذي أحرزوه دون أن يحتاجوا إلى مسخ الإنسان وطمس بصيرته وتعتيم روحه على النحو الكريه الذي صنعته الجاهلية المعاصرة، فظلت تهبط بالإنسان دركا وراء درك حتى لتوشك أن تسلمه إلى الدمار.
ونريد أن نتعرف على الموقف الصحيح للعقل والعقلانية كما يقدمه الإسلام وكما مارسه المسلمون وقت أن كانوا مستقيمين على المنهج الصحيح.
ولكنا لا نستطيع أن نختم الحديث عن عقلانية الجاهلية، والعقلانية المعاصرة بصفة خاصة، قبل أن نشير إلى قولة عجيبة وردت في كتاب من كتب سارتر، الكاتب الوجودي المعروف، ذات صلة بالموضوع، ودلالة لا تحتاج إلى تعليق!
وسارتر يهودي وإن كان كثير من الناس لا يعلمون ذلك! فقد ورد في الدستور اليهودي أن اليهودي من كانت أمه يهودية، وأم سارتر يهودية كما ذكر هو في هذا الكتاب المشار إليه، والذي عنوانه "تأملات في المشكلة اليهودية Reflections sur la question juive" والذي أنصح بقراءته كل قارئ يملك قراءته بلغته الأصلية الفرنسية أو ترجمته بالإنجليزية بعنوان: "صلى الله عليه وسلمnti-Semite and jew" ذلك أنه لم يترجم إلى العربية فيما أعلم.
صدر هذا الكتاب عام 1946م بمناسبة الحديث عن تقسيم فلسطين وإنشاء الدولة اليهودية.. وقيمته من وجهة نظرنا أنه يعترف بأفاعيل اليهود في إفساد البشرية في أثناء محاولته الدفاع عنهم! ذلك أن طريقته في الدفاع عن اليهود هي أن يذكر التهم الموجهة إليهم، ثم يقول إنها صحيحة! ولكنهم معذورون في إتيانها بسبب كذا وكذا!
وسواء اقتنعت بوجاهة الأسباب أم لم تقتنع -وهي في مجموعها متهافتة لا تقنع أحدا- فإنها تؤكد التهمة ولا تنفيها! ويزيد من قيمة شهادته أنه "شاهد من أهلها" لا يتهم بالتعصب ولا التحيز ولا التقول ولا الافتئات!
يقول: إن اليهود متهمون بتهم ثلاث كبرى هي: عبادة الذهب، وتعرية الجسم البشري، ونشر العقلانية المضادة للإلهام الديني، ويقول إن التهم كلها صحيحة! ثم يروح يقدم لكل منها ما يقدر عليه من المعازير.
قال عن عبادة الذهب إن اليهود مضطهدون في كل الأرض وكل التاريخ، وإنهم لا بد أن يسعوا إلى امتلاك القوة ليقاوموا هذا الاضطهاد، والوسيلة التي