التأثير في عقله وهو واهم في حسابه، ولكل منهم اهتماماته الخاصة التي تجعله يركز على أمور ويغفل غيرها من الأمور ...
ومن ثم لا تصبح تلك الفلسفة في هذه القضية بالذات أداة هداية وإنما أداة تشتيت وأداة تضليل.
وما نريد أن نتطرق لتقويم موقف تلك الفلسفة العقلانية من القضايا الأخرى غير قضية الألوهية فقد يكون لها توفيقاتها في بعض جوانب الفكر البشري، وقد تكون فائدتها الأساسية تنمية القدرة على إدراك الكليات التي تحكم الجزئيات، وتلك مباحث لا تبتغى في مثل بحثنا الحاضر ... ولكننا نشير إشارة موجزة هنا، نعود إلى تفصيلها فيما بعد، إلى أن هذه العقلانية تكاد تقف نفس الموقف من قضية أخرى لا تقل خطورة في حياة الناس عن قضية الألوهية، وهي قضية "منهج الحياة" الذي ينبغي أن يسير عليه البشر. فقد تخبطت تلك "الفلسفة"1 في تلك المسألة من أقصى اليمين إلى أقصى الشمال، فضلا عن كونها حولتها إلى أحلام طوباوية أو ذهنية لا عقلاقة لها بواقع الحياة، ومن ثم لا أثر لها في واقع الحياة!.
من هذه الجاهلية انتقل الفكر الأوروبي إلى عصر "سيادة الدين".
وكان المفروض أن يخرج ذلك الفكر إذن من الجاهلية إلى النور، ولكنه في الحقيقة دخل إلى ظلمات حالكة ليس فيه حتى ذلك "البريق" الذي تميزت به الفلسفة الإغريقية في كثير من المواضع بصرف النظر عن القيمة الحقيقية لذلك البريق، وعن كونه بريقا هاديا أم مضللا عن الطريق!
كان المفروض وقد التزم العقل بالوحي، واستمد منه اليقين والهدى -في المسائل التي لا يهتدي فيها وحده ولا يستيقن فيها بمفرده- أن ينطلق الفكر في ميادينه الأصيلة يبدع وينتج، ويمد "الإنسان" بما يحتاج إليه في شئون "الخلافة" وعمارة الأرض.
ولكن الكنيسة الأوروبية أفسدت ذلك كله بما أدخلته من التحريف على الوحي الرباني المنزل من السماء لهداية البشرية على الأرض، وتخبطت في