فيبحثون لهم عن عظمات "نفسية" في وسط الماخور الكبير الذي يعيش فيه هؤلاء وهؤلاء من نقاد و"فنانين"!

لقد سقط "الإنسان" كله إلى السراديب وقرر المقام هناك، وأضاء الأنوار على قاذوراتها وعرضها على أنها "البضاعة الحاضرة" لم تعد سرا يستخفى منه. لم تعد قذارة تستنكر.. لم تعد شيئا يتقزز منه الناس.

أرأيت إلى دودة الأرض اللاصقة بالطين؟! إنها تستروح أنسام المستنقع الآسن الذي تعيش فيه، وترى أنه بالنسبة لها هو الوضع الطبيعي.. هو الأصل الذي ينبغي أن تعيش فيه!

أرأيت لو أنك أردت أن ترفعها من الطين وتنظفها؟

إنها تستنكر وترفض.. وتتفلت من بين أصابعك لتزداد لصوقا بالطين!

وهكذا لم يعد أدب الجنس المكشوف قذارة يترفع عنها الفن، إنما صار هو الفن الذي يتفنن فيه الكتاب، يعرضون مفاتنه -أو بالأحرى مباذله- في تفصيل دقيق مكشوف، ويعرضونه على أنه قاعدة الحياة أو قمة الحياة!

هل هي عدوى "فرويد" في عالم الفن؟

لا شك أن فرويد مسئول عن البداية التي ابتدأ بها هذا الفن الهابط، وقد كانت البداية هي قصة "عشيق ليدي تشاترلي:Lady Charrerly's Lover" للقصاص الإنجليزي د. هـ. لورنس عز وجل. H. Lawrence المتتلمذ على فرويد، والذي يعتبر هو نفسه "حالة فرويدية" تلك القصة التي صودرت وصودرت وصودرت ... ثم أبيحت مع حذف الجزء الشديد الإفحاش منها، ثم أبيحت مع جزء منه.. ثم أبيحت كاملة كما هي.. عارية من كل حياء.. وطبع منها ملايين!

ولكن فرويد وحده لا يكفي لتفسير كل ذلك الهبوط ...

إنه الانسلاخ من الدين، الذي يسمى "العلمانية"!

ففرويد لم يكن يتصور -وإن تمنى- أن يأتي يوم تعرض فيه العملية الجنسية على المسرح بوصفها جزءا من مسرحية "فنية" ثم ينقلها التليفزيون على شاشته ليراها الأولاد والبنات في البيوت!

وذلك إلى آلاف وآلاف من المسرحيات والقصص والأفلام والأغاني والصور والصحف والمجلات، لا تعرض شيئا إلا الجنس، ولا تعرضه إلا في وضع الحيوان.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015