المستحيل أن يحقق الإنسان فيه وجوده!
وإلى هنا نستطيع أن نقول إن هذا أيضا تعبير باطني صادق عن فقدان الحياة معناها وهدفها حين تفقد العنصر الذي يوجد الترابط بين أجزائها ويعطي أحداثها تفسيرها ومعناها وهو الدين.
ولكن وجودية سارتر لا تقف عند تسجيل الضياع والعبثية وفقدان المعنى والغاية، ولكنها تقدم حلا للمشكلة! ويا له من حل!
الحل أن يعيش كل إنسان وحده، وأن يحقق وجوده بأن يفعل ما يرى هو أنه حق وأنه واجب وأنه حسن!
في مسرحيته "الجحيم هو الآخرون" يرسم الجحيم في نفس إنسان -إذا كان إنسانا! - يتعذب من أول المسرحية إلى آخرها من وجود آخرين لا يكفون عن الوجود من حوله ويفرضون عليه أن يكونوا موجودين معه، فيمنعونه أن يكون نفسه.. أن يحس بذاتيته، أن يفعل ما يمليه عليه هواه الشخصي، فيظل ساكنا ساكتا يتعذب.. يتطلع إلى اللحظة التي يذهب فيها عنه "الآخرون" لينطلق بوجوده الذاتي، ليحقق ذاته.. ولكنهم لا ينصرفون.. فيظل هو في الجحيم!
أما أدب الجنس المكشوف -إن كان يسمى "أدبا"- فهو أوضح من أن يحتاج إلى تعليق!
وفي تاريخ البشرية كله "آداب" تعالج الجنس بقصد الإثارة، أو تعبر عن تجارب هابطة لإنسان شهوان ... ولكنها كانت تأخذ في عالم الأدب مكانا منزويا, يتستر بها صاحبها في الظلام, ويسقط عمن يتعاطونها رداء التوقير والاحترام، ويقبل عليها "المراهقون" من أي عمر كانوا، فليست المراهقة فترة معينة من عمر الإنسان كما هي في اصطلاح علم النفس، إنما هي حالة نفسية غير مستقرة وغير متزنة يصاب بها الفتى في إبان طيشه، ويصاب بها ابن السبعين.. فتخف أحلامه ويذهب وقاره وتذهب عنه قدرته على الحكم المتزن على الأشياء.
ولكن الجديد الذي أحدثه "التطور" العلماني هو إعطاء "الشرعية" لهذا الهبوط الحيواني، وكشفه في النور، وإعطاؤه صفة "الفن" ووضع منتجيه في قائمة المشاهير، بل في قائمة العظماء من الفنانين, وينشغل النقد الأدبي والنقد الفني بتتبع آثارهم وكشف جوانب العظمة الفنية فيهم.. بل يتبجح نقاد