إلى الهبوط، وهبه صادقا في ادعاء الواقعية فلماذا يصر على التقاط اللحظات الهابطة وحدها ويتجنب لحظات الارتفاع؟ ثم لماذا لا يسمي الهبو باسمه الحقيقي وهو الهبوط؟!
ثم ... تبعثرت الاتجاهات الفنية في الفترة الأخيرة, ولكنها حافظت على طابع واحد وهو الهبوط!
من السريالية إلى الوجودية إلى اللا معقول ... إلى أدب الجنس المكشوف..
أما السريالية فقد تتبعت التحليل النفسي الذي أنشأه فرويد وقال فيه إن حقيقة النفس الإنسانية ليست في النفس الواعية التي تتعامل مع الواقع الخارجي، إنما هي في العقل الباطن الذي لا ترتيب فيه ولا منطق! فحاولت في نماذج أقرب إلى الخبل منها إلى العقل أن تبرز "حقيقة النفس الإنسانية" فلم تصنع شيئا في الحقيقة إلا بعثرة هذه النفس إلى قطع متناثرة لا دلالة لها ولا معنى ولا طعم.
وأما اللامعقول فقد كان هروبا من "المعقول"، هروبا من العقلانية التي طغت على الفكر والحياة الأوروبية, ومحاولة للقول بأن الحياة ليست معقولة ... ليس لها هدف.. ليس لها نظام.. ليس لها منطق.. ليس لها غاية.. إنما تحدث فيها الأحداث لمجرد الحدوث! وحين تحدث فإنه يكون لها ثقل "الواقع". ولكن حدوثها وعدم حدوثها سيان! وحدوثها على هذه الصورة وحدوثها على صورة أخرى سيان! لأن كل الصور تتساوى في عدم المعقولية وفي الافتقار إلى معنى واضح وغاية واضحة.
ولقد كان هذا تعبيرا باطنيا حقيقيا عن أن الحياة فقدت معناها وفقدت غايتها حين فقدت الخيط الذي ينظمها جميعا وينظمها ويفسر غايتها ويفسر أحداثها، وهو الدين.. ولكن الجاهلية لا تدرك ذلك، وتأخذ الأمر على أنه مجرد فن! أو إن أدركت فإنها تدرك أن الحياة البشرية أصبحت في حاجة إلى "فلسفة" جديدة تعطيها معنى وتعطيها غاية، بشرط ألا تكون هذه "الفلسفة" مستمدة من الدين!!
وأما الوجودية فهي أخبث من ذلك كله.. ولا تنس أن سارتر -"الكاتب الإنساني العظيم"- يهودي من أم يهودية.
تقول وجودية سارتر إن الكون والحياة لا هدف لها ولا غاية، ولا عدل فيها ولا حق، إنما كله ضلال وعبث، وإن الوجود الإنساني ضياع كله، ومن