بأي قيود، فللحصول على غذائنا لا نعتمد على كرم الخمار1 أو الخباز أو الجزار، وإنما هم يقدمونه لنا بدافع من مصلحتهم الشخصية، وإنا عندما نخاطبهم لا نتجه إلى ما فيهم من دوافع إنسانية، وإنما نتجه إلى مصلحتهم المادية، ولا نكلمهم عن احتياجاتنا، بل عما يعود عليهم من نفع وفائدة".
هذه الصورة المادية البحتة هي التي شكلت روح الرأسمالية ورسمت سمات الحياة في ظلها، ففقد الناس آدميتهم بالفعل وصاروا إلى ذلك المسخ الذي يعيش اليوم في الغرب الرأسمالي.
ينقل كنث لن في كتابه "تطور المجتمع الأمريكي" "ترجمة نعيم موسى - ص112 من الترجمة العربية" من كلام جورج فيتزهيو، أحد الذين ساءهم وضع الرأسمالية في نهاية القرن الماضي ما يلي:
"إننا جميعا في الشمال والجنوب نعمل في تجارة الرقيق الأبيض، وبقدر نجاح الشخص فيها يزداد احترامه.. وهذه التجارة أشد قسوة من تجارة الرقيق الأسود؛ لأنها تفرض المزيد من العمل على عبيدها ... وفي الوقت الذي لا تحميهم فيه ولا تسوسهم برفق تفاخر بأنها تفرض المزيد "أي: من العمل"".
"نعم إنه "أي: العامل" بعد إنهاء عمل اليوم يصبح حرا، إلا أنه يظل يرزح تحت عبء العناية بعائلته وبيته، مما يجعل حريته سخرية جوفاء باطلة، في حين يبقى رب العمل حرا بالفعل، ويستطيع أن يتمتع بالأرباح التي جناها من عمل الآخرين دون اهتمام بمصلحتهم ورفاهيتهم".
أما ما تلا تلك الفترة حتى اليوم في العالم الرأسمالي فمعروف لا يحتاج إلى بيان، ففوارق الدخل بين العمال وأصحاب رءوس الأموال فوارق بشعة إلى حد مذهل ... ولا يأتي هذا الربح المتضخم -كما أسلفنا في فصل الديمقراطية- إلا من الوسائل الخسيسة التي تستخدمها الرأسمالية لتحقيق غاياتها الخسيسة، وكلها محرم في دين الله:
1- الربا ...
2- أكل مال الأجير وعدم توفيته حقه ...
3- إفساد فطر الناس وأخلاقهم ليقبلوا على منتجات ليس فيها فائدة حقيقية لهم، ولكنها تدر على الرأسماليين أرباحا طائلة لا تدرها المنتجات الجادة التي