وتعلمت أوروبا كل العلم الذي وجدته عند المسلمين، كما أخذت كثيرا من الأصول الحضارية التي وجدتها عندهم1 ولكنها لأمر ما رفضت أن تأخذ الإسلام، رغم السماحة الهائلة التي لمسها المسيحيون من المسلمين في الأندلس! وارتدت من جاهلية الدين الكنسي المحرف إلى جاهلية ما قبل ذلك الدين، الجاهلية الإغريقية الرومانية Greco-Roman لتنشئ على أساسها جاهلية جديدة متقدمة كل التقدم في العلم والتكنولوجيا "على أساس العلم الذي أخذته من المسلمين، والمنهج التجريبي في البحث العلمي الذي استمدته منهم" ومنتكسة أشد الانتكاس فيما عدا ذلك من جوانب الحياة.

من الإغريق أخذت عبادة العقل وعبادة الجسد في صورة جمال حسي.

ومن الرومان أخذت عبادة الجسد في صورة متاع حسي, وتزيين الحياة الدنيا بكل وسائل العمارة المادية إلى أن يستغرق الإنسان في المتاع وينسى "القيم" التي تكون الإنسان، كما أخذت شهوة التوسع الحربي واستعباد الأمم الضعيفة لحساب الدولة "الأم" في صورة إمبراطوريات.

والمهم -بالنسبة لبحثنا الحاضر- أنها بدأت تنبذ الدين!

قامت النهضة على أسس معادية للدين من أول لحظة.

قامت على أصول "بشرية" بدلا من الأصول الدينية أو الإلهية كما كانت تصورها لهم الكنيسة.

كان الدين الذي قدمته لهم الكنيسة على أنه الدين الإلهي دينا أخرويا لا يقيم وزنا للحياة الدنيا، بل يحتقرها ويزدريها ويدعو إلى إهمالها وعدم الالتفات إليها في سبيل الحصول على "الخلاص"، خلاص الروح، الذي لا يمكن الوصول إليه إلا بالتجرد من متاع الأرض، والاستعلاء على مطالب الجسد، والتطلع إلى ملكوت الرب الذي يتحقق في الآخرة ولا سبيل إلى تحقيقه في الحياة الدنيا، ومن ثم فإن "حركة التاريخ" ومحاولة تصحيحها بتصحيح حركة المجتمع كما يقول ولفرد كانتول سميث Wilfred Cantwell Simth في كتاب "الإسلام في التاريخ الحديث Islam in Modern History" لم تكن في حساب الكنيسة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015