ولقد وجدت أوروبا حين احتكت بالمسلمين عالما عجيبا بالنسبة إليها، ليس فيه بابوات ولا رجال دين! وليست فيه أسرار عقيدية يختص بعلمها فريق من الناس دون فريق.. وليس فيه "نبلاء! " يستعبدون الناس في إقطاعياتهم.. وليس فيه حجر على العقول أن تفكر، ولا حجر على العلم أن يبحث ويجرب وينشر أبحاثه على الناس.
يقول "راندال" في كتابه "تكوين العقل الحديث" "ترجمة جورج طعمة ج1 ص314 من الترجمة العربية".
وبنوا "يقصد المسلمين وإن كان يستخدم لفظة" العرب" تحاشيا لذكر المسلمين! " في القرن العاشر في أسبانيا حضارة لم يكن العلم فيها مجرد براعة فحسب، بل كان علما طبق على الفنون والصناعات الضرورية للحياة العلمية، وعلى الإجمال كان العرب يمثلون في القرون الوسطى التفكير العلمي والحياة الصناعية العلمية اللذين تمثلهما في أذهاننا اليوم ألمانيا الحديثة".
ويقول ليوبولد فايس "محمد أسد" في كتابه "الإسلام على مفترف الطرق" "ترجمة عمر فروخ ص39, 40 من الترجمة العربية":
"إن العصور الوسطة قد أتلفت القوى المنتجة في أوروبا.. كانت العلوم في ركود، وكانت الخرافة سائدة، والحياة الاجتماعية فطرية خشنة إلى حد من الصعب علينا أن نتخيله اليوم، في ذلك الحين أخذ النفوذ الإسلامي في العالم -في بادئ الأمر بمغادرة الصليبيين إلى الشرق، وبالجامعات الإسلامية الزاهرة في أسبانيا المسلمة في الغرب، ثم بالصلات التجارية المتزايدة التي أنشأتها جمهوريتا جنوة والبندقية- أخذ هذا النفوذ يقرع الأبواب الموصدة دون المدنية العربية".
"وأمام تلك الأبصار المشدوهة، أبصار العلماء والمفكرين الأوروبيين، ظهرت مدنية جديدة، مدنية مهذبة راقية خفاقة بالحياة، ذات كنوز ثقافية كانت قد ضاعت ثم أصبحت في أوروبا من قبل نسيا منسيا، ولكن الذي صنعه العرب كان أكثر من بعث لعلوم اليونان القديمة.. لقد خلقوا لأنفسهم عالميا علميا جديدا تمام الجدة.. لقد وجدوا طرائق جديدة للبحث وعملوا على تحسينها، ثم حملوا هذا كله بوسائط مختلفة إلى الغرب، ولسنا نبالغ إذا قلنا إن العصر العلمي الحديث الذي نعيش فيه لم يدشن في مدن أوروبا النصرانية، ولكن في المراكز الإسلامية: في دمشق وبغداد والقاهرة وقرطبة".