{فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ} 1.

نعم! لم تكن العبودية للأحبار والرهبان من البابوات ورجال الدين أمرا صالحا للحياة ولو كانوا هم أنفسهم من الصالحين. لأن العبودية لا تصح إلا لله وحده، ولا تصلح الحياة إلا إذا كانت لله وحده.. فكيف وهؤلاء الأحبار والرهبان على ما كانوا عليه من الفساد والجهالة والبعد عن حقيقة الدين؟!

{اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} 2.

ولم يكن الدين الذي يحوي كل ذلك القدر من الأساطير، ويحارب العلم ويحجر على الفكر، ويفصل بين الدنيا والآخرة فيهمل الدنيا وينبذها من أجل الخلاص في الآخرة, ويحتقر الجسد ويعذبه من أجل خلاص الروح, ويبيح في الوقت نفسه للإقطاعيين أن يمتصوا دماء الفلاحين ويكتنزوا بها ويترفوا ويفسدوا، ويخذل الفلاحين عن الثورة على هذا الظلم بحجة الحصول على رضوان الله وجنته في الآخرة إن رضوا بالمذلة والظلم في الحياة الدنيا.. لم يكن ذلك الدين ليسمح للحياة بالتقدم وهو يلفها بأغلفة سميكة من الظلام.

ويقول التاريخ -الذي تكره أوروبا الاعتراف به إلا القلة المنصفة -إن أوروبا بدأت تخرج من ظلمات قرونها الوسطى المظلمة حين احتكت بالمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها! سواء في الحروب الصليبية أو البعوث التي بعثتها للتعلم في مدارس المسلمين في الأندلس بصفة خاصة، وفي صقلية وغيرها من البلاد التي نورها الإسلام.

بل تقول الروايات التاريخية إن رجال الدين المسيحي أنفسهم كانوا يتعاطون الثقافة الإسلامية في تلك المدارس أو فيما ينقل منها إلى اللغات الأوروبية، وإنهم كانوا يترقون في مناصب الأكليروس بقدر ما يحصلون عليه من تلك الثقافة"! 3.

ويقول روجر بيكون "في القرن الثالث عشر الميلادي": "من أراد أن يتعلم فليتعلم العربية؛ لأنها هي لغة العلم".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015