...
العلمانية:
"العلمانية" هي الترجمة العربية لكلمة "Secularism, Secularite" في اللغات الأوروبية، وهي ترجمة مضللة؛ لأنها توحي بأن لها صلة بالعلم, بينما هي في لغاتها الأصلية لا صلة لها بالعلم. بل المقصود بها في تلك اللغات هو إقامة الحياة بعيدا عن الدين، أو الفصل الكامل بين الدين والحياة.
تقول دائرة المعارف البريطانية في تعريف كلمة "Secularism".
"هي حركة اجتماعية تهدف إلى صرف الناس عن الاهتمام بالآخرة إلى الاهتمام بالحياة الدنيا وحدها. ذلك أنه كان لدى الناس في العصور الوسطى رغبة شديدة في العزوف عن الدنيا والتأمل في الله واليوم الآخر. ومن أجل مقاومة هذه الرغبة طفقت الـ"Secularism" تعرض نفسها من خلال تنمية النزعة الإنسانية حيث بدأ الناس في عصر النهضة يظهرون تعلقهم الشديد بالإنجازات الثقافية البشرية، وبإمكانية تحقيق طموحاتهم في هذه الحياة القريبة، وظل الاتجاه إلى الـ"Secularism" يتطور باستمرار خلال التاريخ الحديث كله باعتبارها حركة مضادة للدين ومضادة للمسيحية"1.
وهكذا يتضح أنه لا علاقة للكلمة بالعلم، إنما علاقتها قائمة بالدين ولكن على أساس سلبي، أي: على أساس نفي الدين والقيم الدينية عن الحياة، وأولى الترجمات بها في العربية أن نسميها "اللادينية" بصرف النظر عن دعوى "العلمانيين" في الغرب بأن "العلمانية" لا تعادي الدين إنما تبعده فقط عن مجالات الحياة الواقعية: السياسية والاقتصادية والاجتماعية والفكرية.. إلخ, ولكنها تترك للناس حرية "التدين" بالمعنى الفردي الاعتقادي على أن يظل هذا التدين مزاجا شخصيا لا دخل له بأمور الحياة العلمية.
بصرف النظر عن هذا الاعتراض الذي سنناقش مدى حقيقته بالنسبة للحياة الأوروبية ذاتها، كما سنناقشه بالنسبة للإسلام لنتبين مدى تطابقه أو