وتتضمن ثالثا ضرورة إنفاق المال وعدم حبسه عن التداول. فإما أن يوظف المال في عمل نافع فيستفيد منه المجتمع ويستفيد منه الأفراد الذين يعملون فيه، وإما أن ينفق إنفاقا مباشرا في أبواب الإنفاق التي شرعها الله، بما يحقق كفالة القادرين لغير القادرين في المجتمع.
وتتضمن رابعا تحريم الإنفاق في المعصية، وكراهة الإنفاق في الترف والسرف كراهة تشبه التحريم.
وتتضمن خامسا تنظيما دقيقا للمواريث يفتت الثروة على الدوام ويعيد توزيعها في كل جيل.
وأخيرا تقرر الشريعة مبدأ "لا ضرر ولا ضرار" فتضع في يد ولي الأمر سلطة التصحيح كلما وقع ما يوجب التصحيح دون مصادمة للفطرة ولا إعنات للناس.
وليس هنا مجال التفصيل، إنما يطلب ذلك في الكتب المتخصصة في هذه الأمور، ولكن تكفينا هذه الخطوط العريضة لبيان الفارق بين الإسلام والشيوعية أو الاشتراكية حتى في المواطن التي يبدو فيها وجود شبه عارض في بعض الجزئيات.
إن الإسلام نظام متكامل، وأجهزته كلها تعمل من داخله، وتعمل بوسائله الذاتية، وليس في حاجة أن يستعير أجهزة أجنبية عنه، ولا في الإمكان تركيب هذه الأجهزة الأجنبية لتدور معه في دائرته؛ لأنها من مقاس غير مقاسه، وتعمل على قاعدة غير قاعدته..
ليس الإسلام نظاما اشتراكيا كما أنه ليس رأسماليا ولا ديمقراطيا ...
الإسلام هو الإسلام ... وهو هو كما أنزله الله.
وإذا كنا نعتقد -بصدق- أن الاشتراكية تحمل مشابه من الإسلام في بعض النقاط, فلماذا نأخذها من الاشتراكية ولا نأخذها من الإسلام؟!
فلنكن صرحاء مع أنفسنا، ولننف الهزيمة الداخلية من أرواحنا -أيا كانت أسبابها- ولنطلب الإسلام باسم الإسلام، فهذا هو الاسم الذي قرره الله من فوق سبع سموات: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} 1.
{وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآَخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} 2.