الإسلام على أن تكون أرزاق الناس بأيديهم -على قدر الإمكان- لا بيد الدولة! وذلك حتى لا يستذل الناس بلقمة الخبز! فحين يكون العمل حرا، والاسترزاق حرا لا يحس الناس بسطوة الدولة كما يحسون بها لو كانوا كلهم أجراء للدولة كما هو حالهم في الشيوعية.

وصحيح أن أولي العزم من البشر لن يحسوا بالمذلة للدولة ولو كانت لقمة الخبز في أيديها، ولكن الإسلام في واقعيته لا يفترض في كل الناس أنهم من أولي العزم. إنما يتعامل معهم بحسب واقعهم ويعلم أنهم عرضة للضعف أمام الضغوط الواقعة عليهم. لذلك جعل التكافل في الأسرة والمجتمع هو الأصل الكبير الذي تقوم عليه الحياة في المجتمع الإسلامي، وجعل كفالة الدولة المباشرة هي الاحتياط الأخير الذي يسد الثغرات التي لم تستطع سدها الأسرة ولا المجتمع. ويظل الناس بعيدين عن سطوة الدولة بقدر الإمكان ليقوم التوازن السياسي في المجتمع الإسلامي. ولي الأمر له على الناس السمع والطاعة. والناس لهم على ولي الأمر النصيحة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أي الرقابة على تنفيذ شريعة الله.

وعلى ضوء الخط المستقيم المتمثل في دين الله يتبين لنا مدى الانحراف في الجاهليات، وفي الجاهلية الشيوعية بالذات.

أما تقريب الفوارق بين الناس فلا يتم في الإسلام بمصادمة الفطرة وقتل الحافز الفردي.

إنما الإسلام دين الفطرة يتمشى معها ويرفعها إلى أقصى ما تطيق من درجات الرفعة ولكن دون مصادمة لاتجاهاتها الأصيلة. ومن ثم لا يلغي الإسلام الملكية الفردية إنما ينظمها على الوجه الذي تستجيب فيه للفطرة دون أن يترتب عليها الشر، ثم يضع في يد ولي الأمر الصلاحية الدائمة لتصحيح الأوضاع إذا اختلت رغم كل التنظيمات والترتيبات.

وتنظيمات الإسلام وترتيباته تتضمن أولا نظافة الوسائل التي يحصل بها الإنسان على المال، فلا غصب ولا نهب ولا سرقة ولا غش ولا ربا ولا احتكار ولا أكل حق الأجير.

وتتضمن ثانيا تزكية المال بإخراج زكاته التي توضع في بيت المال لتقوم الدولة منها -ومن الموارد الأخرى المشروعة- بكفالة من يحتاج إلى الكفالة من الناس.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015