تبين لنا من أين لك هذا البرد الذي ائتزرت به! وهو كذلك الذي قال له: والله لو وجدنا فيك اعوجاجا لقومناه بحد السيف!

والإسلام يحض على العمل بكل وسائل الحض, ويوضح للناس أن الإنسان خلق ليقوم بعمارة الأرض, وليمشي في مناكبها ويبتغي من رزق الله، وأن العاطلين المتبطلين لا يحبهم الله ولا يحبهم رسوله -صلى الله عليه وسلم- ومع ذلك فلا يجعل كفالة الجدولة لأفرادها مقابل قيامهم بالعمل.. إنما مقابل إنسانيتهم فقط ومقابل حاجتهم! فكون الإنسان إنسانا وكونه محتاجا إلى الكفالة هما كل مقومات كفالة الدولة للفرد في الإسلام، وهذا هو الفرق بين فضل الله وكرمه وبين كزازة البشر حين يكون بأيديهم المال والسلطان!

{قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذًا لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنْفَاقِ وَكَانَ الْإِنْسَانُ قَتُورًا} 1.

ثم إن الإسلام في كرمه وتفضله قد حض على العمل نعم، ولكنه لم يحوج المرأة إلى العمل خارج البيت من أجل أن تحصل على لقمة الخبز! بل قرر لها الكفالة الكاملة وهي مستقرة في بيتها، عاملة فيه، قائمة بأنبل مهمة يقوم بها البشر في الأرض، وهي تنشئة الجيل الناشئ ليخرج إلى الحياة سويا مستقيما على أمر الله.

فأين هذا من إكراه المرأة على العمل خارج البيت في كنس الشوارع وحمل الأمتعة في المطارات ومحطات السكك الحديدية تحت هذا التهديد المرعب: من لا يعمل لا يأكل!

وهذا فضلا عما في إخراجها من مهمتها الفطرية من إفساد الفطرة وإفساد للنشء وإفساد للأخلاق!

وأمر آخر يأتي بهذه المناسبة تتضح لنا حكمته في الإسلام على ضوء ما وقع في التطبيق الشيوعي.

لقد قرر الإسلام مبدأ الملكية الفردية تقريرا واضحا لا شبهة فيه، وإن كان قد وضع للملكية حدودا كثيرة تحقق الخير وتمنع الشر. وللإسلام حكمته -بل حكمه- في إقرار الملكية الفردية على هذا النحو. ولكن حكمة معينة تبدو لنا الآن من خلال التطبيق الشيوعي ربما لم تكن واضحة للناس من قبل، هي حرص

طور بواسطة نورين ميديا © 2015