أما ذلك الشبه العارض في مبدأ الكفالة الشاملة وتقريب الفوارق بين الناس فهو أولا لا يبرر اللقاء بين النظامين مع وجود ذلك الاختلاف الجوهري في قضية الألوهية وقضية إنسانية الإنسان. وهو ثانيا شبه غير كامل حتى في الجزئيات.
فالكفالة في الإسلام ليست مقابلا لتكليف الناس بالعمل على طريقة من لا يعمل لا يأكل، إنما هي حق إنساني بحت لكل من يحتاج إليه بسبب من الأسباب، وكفالة المرأة بالذات واجب مفروض في الإسلام على الرجل لكي لا تنشغل أعصابها ولا يذهب جهدها في العمل خارج البيت على حساب مهمتها العظمى في تنشئة الأجيال، كما أن الكفالة تتم في الإسلام بغير إذلال الناس بلقمة الخبز، ودون دكتاتورية الدولة التي ترهق القلوب وتخنق الأنفاس.
إن الإسلام -دين الله الحق- قد فرض على الدولة المسلمة كفالة كل فرد فيها يحتاج إلى كفالة.. وجعل مهمة بيت المال هي هذه الكفالة لمن يعجز عن كفالة نفسه بنفسه. أو عجزت أسرته القريبة عن كفالته. وجعل المجتمع كله مكلفا بألا يكون فيه محتاج1. وقد أشرنا من قبل إلى قولة عمر رضي الله عنه، التي عبر فيها عن مسئوليته لا عن الآدميين فحسب، بل عن كل كائن حي يحتاج إلى الكفالة حيث قال: "لو عثرت بغلة ببغداد "أو قال بصنعاء" لكنت مسئولا عنها لِم لم أسو لها الطريق! ".
ولكن الإسلام في كفالته للناس لا يستذلهم بلقمة الخبز كما تصنع الشيوعية بل يكفلهم وهم كرماء على أنفسهم وعلى الناس، فهو يكلف الدولة المسلمة بهذه الكفالة دون مقابل على الإطلاق، لا العمل، ولا الخضوع المذل للحزب ولا الدولة ولا الزعيم!
إن المطلوب من المسلم -سواء كفلته الدولة أو كفل نفسه بنفسه أو كفلته أسرته أو كفله القادرون في المجتمع- أن يعبد الله وحده بلا شريك، وأن يقيم دين الله في نفسه وفي مجتمعه بإقامة شريعة الله والحكم بما أنزل الله. والمطلوب منه -من بين المطلوبات- أن يكون رقيبا على ولي الأمر لينظر هل قام بواجبه في إقامة الشريعة على الوجه الصحيح أم انحرف في التطبيق!
ولقد كان سلمان الفارسي ممن تجري عليهم الدولة الإسلامية نصيبا من بيت المال.. وهو الذي قال لعمر رضي الله عنه: لا سمع لك اليوم علينا ولا طاعة حتى