آن لنا أن ننتهي من الحديث عن الشيوعية في كل مجالاتها، سواء في المادية الجدلية أو المادية التاريخية أو المذهب الاقتصادي.. لولا أن بعض المسلمين -بل بعض الدعاة من المسلمين- يتحدثون عن "اشتراكية الإسلام" وعن إمكانية اللقاء بين الشيوعية -أو الاشتراكية- وبين الإسلام.
فنعود إلى ذات المقاييس التي استخدمناها فيما بين الديمقراطية والإسلام.
1- قضية المعبود.
2- قضية إنسانية الإنسان.
إن الشبه العارض الذي يمكن أن يكون قائما بين الاشتراكية والإسلام في مبدأ كفالة الدولة لكل أفرادها، وتقريب فوارق الفئات المختلفة من الناس، لا يجوز أن ينسينا الاختلاف الجوهري في القاعدة التي يقوم عليها كل من النظامين، فضلا عن الاختلاف حتى في هذا الشبه العارض في تلك الجزئيات.
إن القضيتين الرئيسيتين في حياة الإنسان كما أشرنا إليهما وشرحناهما من قبل هما هاتان القضيتان: قضية الألوهية وقضية الإنسانية، وكل ما بقي من الأمور فهي أمور ثانوية بالنسبة لهاتين القضيتين، أو هي أمور تتفرع -تلقائيا- من هاتين القضيتين.
فأما المعبود في الشيوعية أو الاشتراكية فهو ليس الله قطعا بتصريحهم هم بأفواههم "لا إله. والكون مادة" "أي: بلا خالق" وقد يكون الإله عندهم هو المادة. أو هو الدولة. أو هو الحزب. أو هو النظام. أو هو الزعيم. ولكنه على أي حال ليس الله. ومن هنا يستحيل اللقاء بين النظامين مهما كانت الأشباه العارضة هنا أو هناك.
وأما الإنسان فهذا وضعه في التصور الشيوعي وفي التطبيق!
في التصور هو نتاج المادة، وهو تلك الأداة السلبية التي تحركها الحتميات "مستقلة عن إرادتهم"! وفي التطبيق هو تلك الآلة المنتجة في قسم من الوقت، وهو ذلك الحيوان الغليظ الحس في بقية الوقت، وهو ذلك الصفر اللاشيء في كل الوقت.. إلا أن يكون من الآلهة المحظوظين، عضوا في الحزب على أقل تقدير، أو زعيما مقدسا على أعلى تقدير!