جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ} 1.
أما حلم الملائكية العامة الشاملة التي ستعم البشرية كلها ذات يوم، ودون أي احتياط لإمكان الهبوط من أحد الناس أو كل الناس "بإلغاء الحكومة التي يمكن أن تردع الهابطين" فحلم أقل ما يقال فيه إنه ما وضع إلا للتخدير! ليرضى الناس بالحرمان والشقاء الحالي، والضغط الإرهابي الذي لم تشهده حتى قساوة القرون المظلمة، على أمل تحقق تلك الجنة الموعودة في الأرض في يوم من أيام التاريخ!
كانوا يقولون إن الدين أفيون الشعوب؛ لأنه يخدرهم عن عذاباتهم الحاضرة بحلم الجنة في الآخرة! فما القول في هذا الأفيون العجيب الذي تقدمه الشيوعية للكادحين؟!
إن الدين -في صورته الكنسية التي استخدمت بالفعل لتخدير الشعوب- كان يحوي بعض الحقائق وبعض الأباطيل، فوجود الله حق، ووجود الآخرة حق، ووجود الجنة حق. أما رضاء الله بالظلم، ودعوة الناس إلى الرضا بالظلم في الدنيا ليمنحهم الله الجنة في الآخرة فباطل؛ لأن الله أمر الناس أن يرفضوا الظلم الناشئ من تحكيم شرائع غير شريعة الله، وأمرهم أن يجاهدوا لتغيير المنكر. وأما الذين يحتجون بأنهم كانوا مستضعفين في الأرض وأنهم رضوا من أجل ذلك بالظلم فيسميهم الله {ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ} ويقول فيهم:
{إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} 2.
نعم كان الدين الكنسي يحوي بعض الحقائق وبعض الأباطيل ... فما القول في هذا المخدر الشيوعي الذي لا يحمل شيئا من الحق وكله أباطيل! أي الفريقين -وكلاهما على باطل- أشد استخداما "للأفيون" في تخدير الجماهير؟!