جديتها أو عدم واقعيتها عند التطبيق، كقضية الملكية الجماعية، وإحلالها محل الملكية الفردية، وقضية البروليتاريا ووضعها في مكان السلطة، وقضية الطبقات وإلغائها، وقضية المساواة التامة بين الجميع.
ولكن بقيت في النظرية "وعود" لم تتحقق بعد، ويتذرعون -لعدم تحقيقها- بشتى المعاذير ...
بقي المبدأ القائل بأنه يؤخذ من كل بحسب طاقته ويعطى كل بحسب حاجته. وإلغاء الحكومة، وإلغاء الصراع.
وهم يستخدمون بشأنها أسلوب الشاعر العربي:
منى إن تكن حقا تكن أعذب المنى
وإلا فقد عشنا بها زمنا رغدا!
أي: في الخيال والتمني!
وقد كان من حقنا أن ننفض أيدينا من هذه الأماني، ونقول: دعونا حتى تقع بالفعل! أو نقول إن ما مر من التجربة الشيوعية في الأمور السابقة لا يبشر بتحقيق شيء من هذه الوعود، فإن أمورا أكثر واقعية من هذه بكثير أثبتت التجربة عدم واقعيتها أو عدم جدية الشيوعيين في الحديث عنها إلا للدعاية والترغيب فحسب!
ولكننا ننظر في طبيعة هذه الأمور فنجدها -بطبيعتها- غير قابلة للتحقيق! من كل حسب طاقته، ولكل حسب حاجته1 بلا حكومة ولا صراع!
متى كان الناس بهذه الملائكية حتى نفترض أنهم يمكن أن يعودوا إليها في يوم من الأيام؟!
أوليسوا هم الذين يقولون إنه بمجرد اكتشاف الزراعة جنح الناس إلى الملكية الفردية، وظهر الطمع والجشع واختلف وضع الناس في المجتمع، وانتهت المساواة والتعاون والود والإخاء وحل محلها الصراع؟!
أي: بمجرد ظهور شيء يمكن امتلاكه!
فما الذي تغير في طبائع البشر حتى يجيء عليهم يوم لا حكومة فيه ولا رقابة، ثم يبذل كل منهم طاقته -حبا في الحق والعدل فقط، أو حبا في الإنسانية، أو حبا في أي قيمة من القيم العليا "التي لا وجود لها في ذاتها كما يقولون! "- ثم يأخذ فقط بقدر حاجته، ويقدر هذه الحاجة بلا طمع ولا جشع ولا إسراف؟!
إن المثاليين الذين ينعي الشيوعيون عليهم عدم واقعيتهم لم يبلغوا هذا الحد من الإسراف في الخيال!