في الوضع السياسي هم أولئك الأصفار الذين لا يقدمون ولا يؤخرون ولا يقام لهم وزن، ولا عبرة بمسرحية الانتخابات ولا بقول الشيوعيين عن أنفسهم إنهم هم "الديمقراطية" الحقيقية!

ولسنا ندافع عن المسرحية الأخرى القائمة في الديمقراطية الليبرالية الرأسمالية. فقد سبق أن عرضناها على حقيقتها، ولكنها تحمل على أقل تقدير "مظهر" الحرية "و"مظهر" الاختيار. وإن كانت الغالبية العظمى ممن يصلون إلى المجالس النيابية هم -كما بينا- أدوات الرأسمالية الحاكمة، ولا تستطيع هذه المجالس، مهما قيل فيها من "كلام" أن تتخذ قرارا ضد المصالح الحقيقية للرأسمالية الحاكمة.

أما حين يكون الناس كلهم حزبا واحدا -بأمر الدولة- هو حزب الدولة, فإن المسرحية تفقد حتى ذلك المظهر المزيف، وتصبح سخرية ضخمة لا متعة فيها على الإطلاق!

ما الفرق بين أن تنتخب هذا الصفر أو هذا الصفر أو ذاك الصفر، إذا كانوا كلهم أصفارا من جهة، وكلهم يمثلون وجهة نظر واحدة من جهة أخرى, وكلهم لا يملكون الكلام إلا بإذن الدولة وبالقدر الذي تأذن به الدولة من جهة ثالثة؟!

إن المسرحية كلها واحدة ... نعم! ولكنك ربما تكون على استعداد لمشاهدة المسرحية والتلهي بها حين يكون الممثلون يؤدون دورهم المرسوم لهم وكأنهم يؤدونه من عند أنفسهم، أما حين تسمع صوت الملقن واضحا يملي على الممثل أقواله وأفعاله فلا شك أن المسرحية تكون في حسك سمجة وغير مستساغة، وإن كتب عنها في لوحة الإعلان أنها "مسرحية الديمقراطية الحقيقية"!

وفي الوضع الاقتصادي هم أولئك الكادحون ... كانوا وما زالوا.. الذين يقومون بأشق الجهد وينالون أقل الجزاء، ويستمتع غيرهم "بفائض القيمة" لأنهم أصحاب نفوذ وأصحاب سلطان! وليس من الضروري أن يكون "فائض القيمة" نقودا توضع في الجيوب، فغياب المظهر لا ينبغي أن يخدعنا عن حقيقة الجوهر، ففائض القيمة هنا هو المتاع الموفر -بصرف النظر عن الملكية- وهو السلطان والنفوذ!

حين يمرض الفرد من البروليتاريا يعالج بالأدوية المحلية، وحين يمرض الفرد من الحزب الحاكم يعالج بالدواء الأجنبي! وحين يتنقل الفرد من البروليتاريا يتنقل في المركبة العامة التي لا تراعي فيها أسباب الراحة, بينما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015