مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ، الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آَمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ، الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ} 1.
فإذا كان الماديون لا يؤمنون بهذا الحديث كله ويشمئزون من ذكره، فإننا نقول لهم أخيرا إن نزعة الملكية الفردية يمكن أن تقهر قهرا كاملا كما حدث في ظل الشيوعية، ولكن هذا أيضا لا يزيلها من منبتها! والدليل على ذلك شيئان حدثا في التطبيق الشيوعي ذاته يهدمان النظرية من أساسها، ويؤكدان أن الملكية الفردية نزعة فطرية أصيلة في النفس البشرية.
الشيء الأول هو تراجع الشيوعيين -في التطبيق- عن مبدأ الإلغاء الصارم البات لكل نوع من أنواع الملكية الفردية، الذي بدءوا به حياتهم التطبيقية، ولجوءهم إلى تمليك الأشياء الشخصية وسماحهم بالعمل الإضافي -بعد أداء وحدة العمل الإجبارية- لمن أراد أن يعمل، في مقابل أجر إضافي يمكن أن تشترى به أشياء شخصية يمتلكونها مدى حياتهم.
ولولا أن الشيوعيين وجدوا نزعة الملكية الفردية ذات وجود قاهر -رغم كل القهر البوليسي الذي تمارسه الدولة -ما تراجعوا هذا التراجع تحت أي ضغط من الضغوط؛ لأنه تراجع عن أصل جذري من أصول النظرية، يمكن أن يؤثر في النظرية ذاتها على المدى الطويل!
والشيء الثاني هو تناقص الإنتاج الزراعي المتواصل في ظل الملكية الجماعية نتيجة لضعف الحافز إلى العمل!
وقد يسأل سائل: ولماذا حدث ذلك في الإنتاج الزراعي وحده ولم يحدث في الإنتاج الصناعي الذي تقدم تقدما كبيرا في ظل "النظام"؟ ونجيب السائل بأن الإنتاج الصناعي -وخاصة في ظل التكنولوجيا الحديثة- يمكن أن يخضع للرقابة الصارمة، ويمكن أن يحدد فيه العامل المهمل بدقة متناهية؛ لأن عملية الإنتاج ذاتها توزع العمل توزيعا دقيقا على مجموعة العمال الذين يقومون به، بحيث يقوم كل منهم بعملية واحدة محدودة تتكرر بذاتها مع كل قطعة من قطع الإنتاج.. فيمكن -بسهولة- عند مراجعة الإنتاج أن يعرف العامل المقصر حين يقع تقصير. وعندئذ يقدم لمحاكمة عاجلة, بتهمة التخريب والخيانة ... إلخ,