بمقتضى عبوديتهم لله الحق، فيصيبهم جزاء ذلك بركة في حياتهم في الدنيا ورضوانا من الله في الآخرة.

{وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ} 1.

{وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأَدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ، وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ} 2.

ومن البركات التي تصيبهم في الدنيا نجاتهم من أن يكونوا عبيدا للأرباب الزائفة في الأرض، وشعورهم بالعزة الحقيقية التي يستمدونها من الاستعلاء بالإيمان. فلا تذل نفوسهم لطغاة الأرض ولا يسمحون لأحد أن يجعل من نفسه ربا يشرع بغير ما أنزل الله؛ لأنهم يستمدون العزة والقوة ممن هو أكبر منهم وأعلى.. الله أكبر.

ومن البركات كذلك الرخاء الذي يسبغه الله على الأرض المؤمنة من خيرات السماء التي يفيضها عليهم، ومن تكافل الأمة المؤمنة فيما بينها، فلا يستمتع فريق بالخيرات وحده ويظل فريق في الحرمان.

وعندئذ توجد الملكية الفردية ولا يوجد معها الظلم والشر الذي يصاحبها في الجاهلية؛ لأن الذي يملك هنا لا يحكم! أي: لا يضع تشريعات من عنده يصوغها لمصلحته على حساب الآخرين ... إنما تكون الحاكمية لله، هو الذي يحل ويحرم وهو الذي يضع التشريعات التي يخضع لها الحاكم والمحكوم سواء، والتي يتوفر فيها العدل الحقيقي؛ لأنها منزلة من عند رب الجميع الذي لا يحابي أحدا من البشر على حساب أحد.

وقد تقع المظالم في ظل المنهج الرباني من سوء التطبيق لما أنزل الله، ومن جور الحكام الذي يحدث من عصيانهم لله، وحكمهم في بعض القضايا بغير ما أنزل الله, وإن كانوا لا يضعون تشريعات من عند أنفسهم تخالف ما أنزل الله، ولا يجعلون مخالفاتهم تشريعا يلزمون به الناس وإلا لكفروا بذلك كفرا صريحا وخرجوا من ملة الإسلام، وعندئذ نلحظ أمرين هامين: الأول: أن حجم الظلم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015