فإذا لم يثبتوا ذلك- ولن يثبتوه- فنحن نقول إن أحوال القبائل كما رواها التاريخ، وكما ظهرت في القبائل المكتشفة في القرنين الماضيين هي حياة التنافس الدائم والتنازع الدائم والصراع.. فلماذا نترك دلالة الواقع ونرسم صورة من الخيال؟!

إنما أرادوا -كما أسلفنا- أن ينزعوا الملكية الفردية جميعا ويركزوا الملكية في يد الدولة التي يسيطرون هم عليها في واقع الأمر، فزعموا للناس أن المصائب كلها نشأت من الملكية الفردية بعد زوال الشيوعية الأولى ذات الطابع الملائكي، وأنهم عائدون بالبشرية إلى ملائكيتها المفقودة بنزع الملكية الفردية جميعا في الشيوعية الثانية! وذلك ترغيبا "للزبائن" المحرومين من الملك, الحاقدين على الملاك -وهم أكثرية الناس في المجتمعات الإقطاعية والرأسمالية- حتى يعتنقوا الشيوعية ويؤازروها، ويكونوا مددا لها وسندا في كل مكان في الأرض!

4- الملكية الفردية:

أشرنا فيما سلف أكثر من إشارة إلى قضية الملكية الفردية ووضعها في التفسير المادي للتاريخ، ومع ذلك أفردنا لها حديثا خاصا لشدة أهميتها سواء في التصور المادي أو في التطبيق الشيوعي.

يرى أصحاب التفسير المادي للتاريخ أن الملكية الفردية هي سبب كل الشرور التي حلت بالبشرية منذ خروجها من مرحلة الشيوعية الأولى إلى أن تعود الشيوعية الثانية فتلغيها وتلغي معها الشرور الناشئة عنها.

وينشأ الشر من أن الذي يملك هو الذي يحكم، وحين يحكم فإنه يضع التشريعات التي تخدم مصالحه ومصالح طبقته على حساب بقية الطبقات.

ويرى الماديون كذلك أن الملكية الفردية ليست نزعة فطرية في النفس البشرية بدليل فترة الشيوعية الأولى التي لم تكن فيها ملكية فردية. إنما هي أمر مكتسب، اكتسبته البشرية بعد أن اكتشفت "أو تعلمت" الزراعة، حيث أدى ذلك إلى انتهاء فترة الشيوعية الأولى ودخول البشرية في مرحلتي الرق والإقطاع، ثم لما تحولت الملكية من ملكية زراعية إلى ملكية صناعية رأسمالية دخلت البشرية مرحلة الرأسمالية.

ويرون أن الصراع الطبقي الذي يدور عليه تاريخ البشرية كله فيما بين الشيوعية الأولى والشيوعية الأخيرة قائم كله على الملكية الفردية ومتعلق بها،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015