"ليس الزواج البرجوازي في الحقيقة والواقع سوى إشاعة النساء المتزوجات".

وهو حق يراد به باطل! فوجود الشيوعية الجنسية في المجتمع الرأسمالي الذي أشرف اليهود على توجيهه حقيقة واقعة. ولكن وجودها ليس في حجة لمن يريد لها أن تستمر، وخاصة إذا كان من "الثائرين" على النظام الرأسمالي، الذين يريدون -بالثورة الدموية- أن يعدلوا ما ينطوي عليه من الفساد! إلا أن يكون هذا اللون من الفساد مطلوبا بالذات، يراد الإبقاء عليه وترويجه -وتلك هي الحقيقة- فعندئذ تعتسف له الأدلة وتقام له الأسانيد! ولكنها أسانيد باطلة لا تثبت للتمحيص العلمي.

وأما المساواة الكاملة والحياة الملائكية التي يصفون بها الشيوعية الأولى فأمر كذلك يعوزه الدليل.

فالمعروف أن شيخ القبيلة -على الأقل- شخص متميز في كل أموره وأوضاعه، بما في ذلك ملبسه الذي يميزه عن أفراد قبيلته للوهلة الأولى إذ لا بد أن يتميز ولو بريشة زائدة يضعها على رأسه يعرف منها القريب والبعيد أنه هو الرئيس الذي تقدم له فروض التوقير والاحترام, والريشة مجرد رمز، ولكنها ترمز إلى تمييز حقيقي واسع المدى بين شيخ القبيلة وبقية أفرادها. وسواء كان التمييز قائما على القوة الجسدية أو الخبرة والحنكة وبعد النظر، أو السن, أو الشجاعة وحسن البلاء في الحرب, فإن شيخ القبيلة يتمتع دائما بمكانة متفردة، وغالبا ما يتمتع كذلك بعدد أكبر من النساء!

ثم إن الشبان الأقوياء من القبيلة، أو الماهرين في الصيد أو الشجعان في الحرب لا بد أن يتميزوا بحكم الأمر الواقع، أي: بحكم مواهبهم، وتكون لهم عن شيخ القبيلة منزلة خاصة، ومن حقه أن يمنحهم من الامتيازات ما يشاء، فإرادته أمر، وأمره مطاع!

والزعم بأنه لا توجد امتيازات ولا فوارق في تلك الحياة البدائية لمجرد عدم وجود ملكية فردية زعم يكذبه الواقع المشهود من أحوال القبائل ذاتها التي يستمدون منها أدلتهم! فلماذا يأخذون الدليل التعسفي حين يريدون، ويتركون الدليل الواضح حين يكون مخالفا لأهوائهم ومزاعمهم؟ إنما نستدل من أحوال هذه القبائل -إذا أردنا استمداد الأدلة منها- على أن المساواة ليست أصلا من أصول الحياة البشرية وأن الأصل هو التمايز بين الناس

طور بواسطة نورين ميديا © 2015