أما الشيوعية الجنسية والمساواة الكاملة والحالة الملائكية المزعومة التي توصف بها الشيوعية الأولى فمسألة لا يقوم عليها الدليل!

كل دليلهم بالنسبة للشيوعية الجنسية هو ما رواه الرحالة المكتشفون من وجود أنواع منها في تلك القبائل التي اكتشفت في إفريقيا وآسيا وأستراليا على حالة بدائية بعيدة عن كل صور المدنية.

ولنسلم جدلا بصحة كل ما رواه أولئك الرحالة، وأنهم وصفوا الحقيقة كاملة بغير تهويل وتزييف.. فما دلالة روايتهم؟

بعض القبائل لا كلها، وجدت فيها أنواع مختلفة من الشيوعية الجنسية لا نوع واحد محدد. فهل يصلح هذا دليلا على أن كل القبائل التي عاشت في بداوة البشرية مارست الشيوعية الجنسية الكاملة؟!

إننا نؤمن بادئ ذي بدء بأن الله أرسل هداة من البشر ينظمون لأقوامهم طرائق معيشتهم بمقتضى الوحي الرباني الذي أخبر عنه آدم وحواء يوم سكنا هذه الأرض، وأن بعض الناس آمنوا واهتدوا وبعضهم تنكب الطريق:

{قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ، وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} 1.

{وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ} 2.

{وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ} 3.

فليس البشر كلهم أمة واحدة على الهدى ولا على الضلال.

ولكن الشيوعيين لا يؤمنون بالله ولا برسله ولا بوحيه. فلننظر في أدلتهم "العلمية الموضوعية"!

لو وجدنا كل القبائل المتأخرة المنعزلة عن العمران تمارس لونا واحدا من المشاعية الجنسية لقلنا إنه ربما كان هذا هو الحال الذي كانت عليه البشرية في أول عهدها، ولم نقطع مع ذلك بأن هذا أمر يقيني؛ لأن الشذوذ والانحراف يطرأ دائما على الناس في أثناء مسيرتهم التاريخية، ولا يدل وجوده في أي جيل على أنه كان موجودا في أجيال سابقة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015