منهما وتركيبه العصبي والنفسي ميلا لهذا التكليف وقدرة عليه، وشعورا بتحقيق الذات عن طريقه.
ذلك هو الوضع السليم للأسرة كما أنشأها الله.
فأما الذين يجادلون بالباطل ليدحضوا به الحق فيكرهون أن يستمعوا لهذا القول ويشمئزون منه بدعوى أنه كلام غير علمي!
{وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ} 1.
فيقول دوركايم: "ومن هذا القبيل أن بعض هؤلاء العلماء يقول بوجود عاطفة دينية فطرية لدى الإنسان، وبأن هذا الأخير مزود بحد أدنى من الغيرة الجنسية والبر بالوالدين ومحبة الأبناء، وغير ذلك من العواطف، وقد أراد بعضهم تفسير نشأة كل من الدين والزواج والأسرة على هذا النحو، ولكن التاريخ يوقفنا على أن هذه هذه النزعات ليست فطرية في الإنسان"2.
متى أوقفنا التاريخ على أن هذه النزعات ليست فطرية في الإنسان، وكيف أوقفنا على ذلك؟! أم لهم تاريخ سري غير التاريخ العلني الذي يعرفه جميع الناس، ويعرفون فيه أن هذه الأشياء كلها مركوزة في الفطرة؟!
ويقول التفسير المادي للتاريخ إن الأسرة بحجمها وتبعاتها ووظائفها وعلاقاتها هي مجرد انعكاس للوضع الاقتصادي، ومن ثم فهي "تتطور" تطورا حتميا يمكن أن يفضي بها إلى الزوال!
والتجربة الواقعية تغنينا عن الخوض في النظريات، فالنظريات تظل نظريات حتى يصدقها الواقع أو يكذبها. وما يقوله دوركايم أو التفسير المادي للتاريخ أقل في الحقيقة من أن يسمى نظرية؛ لأنه فرض معتسف لا دليل عليه من الواقع، ولكن حتى لو كان يرتقي إلى حد أن يكون نظرية فهذا هو واقع الجاهلية المعاصر يكذبه.
فالرجل والمرأة كلاهما في الجاهلية المعاصرة يحققان كل ما يخطر على بالهما من متاع الجنس بلا قيود، لا قيود خلقية ولا قيود اجتماعية ولا قيود قانونية ولا قيود فكرية, ثم إنهما يحققان وجودهما الاقتصادي كل على حدته، فالرجل