لدعم فكرة الألوهية من جديد وتأكيد الوحي كمصدر أخير للمعرفة، لأنه يعتبر الله سبحانه عقلا1.

واستخدم هيجل مصطلحات خاصة به, هي الدعوى ومقابل الدعوى وجامع الدعوى ومقابلها، وتصور أن هناك فكرة مطلقة أطلق عليها اسم العقل المطلق -وهو الله عنده- انبثقت عنه الطبيعة وهي تغايره تماما؛ لأنها مقيدة ومتفرقة وهي عنده العقل المقيد، ثم انتقلت الفكرة من الطبيعة أو العقل المقيد إلى جامع يلتقي فيه الشيء ونقيضه وهو العقل المجرد الذي هو نهاية الطبيعة المحدودة وغايتها، وهو جامع الدعوى ومقابلها.

وهذا العقل المجرد يتمثل في القانون والأخلاق، وفي الفن والدين والدولة والجماعة والفلسفة. إذن فالعقل المجرد الذي يتحقق في أي وحدة من هذه القيم العاملة المذكورة جامع للمتقابلين: جامع للفكرة في العقل المطلق وهو الله، وللفكرة في العقل المقيد وهو الطبيعة.. ذلك أنه ليس له إطلاق العقل المطلق ولا تحديد عقل الطبيعة، بل فيه إطلاق بالنسبة إلى الطبيعة وتقييد بالنسبة للعقل المطلق, ولذا يعتبر جامع الدعوى ومقابل الدعوى2.

وأما المنبع الثالث فكر ماركس بعد الجدلية التي أخذها من هيجل، والمادية التي أخذها من كومت فهو دارون ونظرية التطور.

جاء دارون يؤله الطبيعة ويقول عنها إنها تخلق كل شيء ولا حد لقدرتها على الخلق، ويؤكد أن الإنسان هو نهاية سلسلة التطور الحيوانية، وأن التطور ذاته -الذي أنشا الحياة في المادة الميتة أول مرة، ثم تدرج بها من الكائن الوحيد الخلية إلى الإنسان- هو نتيجة أسباب مادية بحتة، وأنه يتم مستقلا عن إرادة الكائن الحي، وبصورة حتمية لا يملك الكائن الحي الخروج عليها ولا معارضتها ولا الوقوف في طريقها.

ماذا بقي من فكر ماركس لم يسبق إليه؟!

ومع ذلك فلم يكن عمل ماركس هو مجرد التجميع للأفكار السابقة والمعاصرة3 فلقد أنشأ فلسفة مترابطة متكاملة -أيا كانت مصادرها الأولية- تشمل كل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015