وليس معنى هذا أن التصور الواحد لا يمكن أن ينبثق عنه إلا صورة اقتصادية وسياسية واجتماعية وفكرية واحدة محددة السمات والتفصيلات. فسوف نرى في أثناء العرض والمناقشة أن ذلك غير صحيح، ولكن الذي نعنيه أن هناك اتجاهات عامة تربط بين المذهب الاقتصادي السياسي الاجتماعي الفكري وبين التصور الذي ينبثق عنه ذلك المذهب. وأن هذه الاتجاهات العامة لا بد أن توجد في كل صورة من الصور الاجتماعية السياسية الاقتصادية الفكرية التي يمكن أن تنبثق عن ذلك التصور, وإن اختلفت فيما بينها في الدرجة أو في التفصيلات والسمات الخاصة.

وبديهي أن التصور الشيوعي للألوهية والكون والحياة والإنسان هو تصور مادي بحت.. فهم يسمون نظريتهم العامة "المادية الجدلية" ويسمون تفسيرهم للتاريخ "التفسير المادي للتاريخ" ومن أقوالهم:

لا إله. والكون مادة.

وحدة العالم تنحصر في ماديته.

المادة سابقة في الوجود على الفكر.

لم يكن هناك وقت لم تكن المادة موجودة فيه، وليس هناك وقت لا تكون المادة موجودة فيه ...

الإنسان نتاج المادة.

الفكر نتاج الدماغ والدماغ مادة ... إلخ.

وحين نتكلم عن الشيوعية فلا بد أن نتكلم عن أمور ثلاثة رئيسية هي: المادية الجدلية والمادية التاريخية، والمذاهب الاقتصادي الشيوعي مع الأوضاع السياسية والاجتماعية المصاحبة له.

ولكنا نحب أن نشير في هذا التمهيد إلى أن ماركس -أو الشيوعيين بصفة عامة- ليسوا هم الذين ابتدعوا الاتجاه المادي، وإنما الحق أنهم قمته ومنتهاه.

وليسوا هم الذين ابتدعوا "الجدلية" تفسيرا للحياة البشرية أو الوجود عامة بما فيه الكون المادي والحياة البشرية، إنما "الجدلية المادية" أو "المادية الجدلية" هي التي يمكن أن تعتبر ابتداعهم الخاص.

الاتجاه المادي قديم في الحياة الأوروبية قدم النهضة الأوروبية إن لم نقل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015