فإذا كان كذلك لماذا نُصِرُّ نحن على تسمية نظامنا الذي نريده باسم الديمقراطية؟! لماذا لا نسميه الإسلام؟!
ويقول بعض الناس مخلصين: إنما نريد أن يلتزم الحاكم -المسلم- برأي الشعب فيما ليس فيه نص ... وهذا هو لب الديمقراطية الذي نريد أن نطعم به الحكم الإسلامي، لنمنع طغيان الحكام!
وما نريد هنا أن ندخل في الخلاف الفقهي القائم حول الشورى في الإسلام وهل هي ملزمة لولي الأمر أم غير ملزمة.. فهذا يخرج بنا عن موضوع الكتاب ... إنما نقول فقط إن هذا أمر اجتهادي ليس فيه نص.. فالنص يلزم بالشورى ذاتها، ولكن لا يوجد نص يقول إن الشورى ملزمة أو غير ملزمة. ولذلك اختلف الفقهاء.
وما دام الأمر اجتهاديا فمن حق أي جيل من أجيال المسلمين أن ينظر فيه، وينظر في وجه المصلحة فيه ... فيوم نكون جادين في تطبيق الإسلام، فعندئذ يجتمع علماء الأمة وينظرون في الأمر، ويقررون على ضوء الظروف القائمة وقتها إن كانت المصلحة تقتضي جعل الشورى ملزمة أو غير ملزمة ... وتلتزم الأمة وحكامها بما يراه علماؤها المجتهدون، فإذا رأى علماء الأمة أن المصلحة تتحقق بالتزام الحاكم بنتيجة الشورى كان هذا الاجتهاد ملزما لأولياء الأمور.
أما أن نستعير "ترسا" من آلة أجنبية عن الإسلام لنركبه في النظام الإسلامي لمجرد ظننا أنه صالح ومفيد، فليس هذا هو التفكير السديد، إن الإسلام نظام متكامل. وحاجات المسلمين ومصالحهم تتحقق من داخل النظام لا من خارجه، فلنعزم أولا أن نكون مسلمين حقا، ملتزمين بما أنزل الله، ثم لننظر بعد ذلك ما يفتح الله به علينا من الحلول:
{وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} 1.
وينظر أناس إلى البغي والطغيان القائم في بلاد الإسلام فيقولون: أليست الديمقراطية خيرا من البغي؟ على الأقل نستطيع أن نتنفس ونحن آمنون! لا يجيء حاكم فيعتقل من يعتقل، ويعذب من يعذب، ويقتل من يقتل دون أن