إنها الهزيمة التي أصابت المسلمين في مواجهة الغرب الظافر المتغلب، الذي غلب على بلاد الإسلام، وما كانت لتوجد في نفوسنا لو أننا واثقون في أنفسنا مستعلون بالإيمان كما وجهنا الله.

{وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} 1.

الهزيمة التي نشأت في الحقيقة من الخواء الذي أصاب المسلمين في القرون الأخيرة ... الخواء من حقيقة الإسلام ... فلما جاءت الهزيمة العسكرية أمام الغرب كانت كالضربة القاضية التي بهرت المهزومين وهزتهم من الأعماق. وما كانوا لينبهروا -رغم الهزيمة العسكرية- لولا ذلك الخواء الداخلي من حقيقة الإسلام2.

إنه لا ينبغي لنا من الوجهة العقيدية أن نقرن الإسلام إلى الجاهلية في أي صورة من صورها، إلا إذا قلنا كما قال الله في كتابه المنزل:

{أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} 3.

والحقيقة الثانية: أن هذا الشبه العارض في بعض النقاط لا يجوز أن ينسينا الفارق الضخم في القاعدة، إن القاعدة التي يقوم عليها الإسلام تختلف اختلافا جذريا عن القاعدة التي تقوم عليها الديمقراطية.

في الإسلام يُعبد الله وحده دون شريك، وتحكم شريعة الله عنوانا على التوحيد، وتحقيقا له في عالم الواقع، وفي الديمقراطية يعبد غير الله، وتحكم شرائع البشر عنوانا على عبادة غير الله وتوكيدا لها في عالم الواقع.

وفي الإسلام يزكى الإنسان ليحتفظ بإنسانيته في أحسن تقويم وفي الديمقراطية ينكس الإنسان فيهبط أسفل سافلين.

تلكفروق جوهرية في القاعدة، فما قيمة اللقاء العارض في بعض النقاط أيا كانت القمية الذاتية لتلك النقاط؟!

على أننا -من الوجهة التاريخية البحتة- لا يجوز أن نقرن الإسلام إلى الديمقراطية وهو سابق على تلك الديمقراطية بأكثر من ألف عام! إنما ينبغي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015