{لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ، كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} 1.
ولذلك يطلب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من المسلم ألا يكون إمعة، لا رأي له ولا موقف سوى مجاراة "الرأي العام"!! يقول عليه الصلاة والسلام: "لا يكن أحدكم إمعة، يقول إذا أحسن الناس أحسنت وإن أساءوا أسأت، ولكن وطنوا أنفسكم إن أحسنوا أو أساءوا ألا تظلموا" 2.
وهذا كله بطبيعة الحال ضد مصلحة "الحكام" ما لم يستقيموا على النهج! فليس من مصلحة الحكام أن تكون شعوبهم متيقظة لأعمالهم، مبادرة بنقد الخاطئ منها عن طريق "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" ولكن الإسلام لا يعمل لمصلحة الحكام كما تعمل الديمقراطية الليبرالية الرأسمالية لصالح الرأسمالية رغم كل المسرحية الطريفة -مسرحية الحرية- إنما يعمل الإسلام لمصلحة كل الناس؛ لأنه نزل لهداية كل الناس، وليقوم الناس كلهم بالقسط: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ} 3.
بل يشدد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في شأن توجيه النصح للحكام -لا مجرد إبداء الرأي من أجل إبداء الرأي فحسب كما تصنع الديمقراطية في أكثر أحوالها -فيقول صلى الله عليه وسلم: "لا والذي نفسي بيده حتى تأطروهم على الحق أطرا.." 4.
ويقول صلى الله عليه وسلم: "سيد الشهداء حمزة ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله" 5.
وهكذا يتبين أن ما جعلته الديمقراطية حقا مكتسبا وناضلت الشعوب من أجله، جعله الإسلام واجبا، وقرره قبل الديمقراطية بأكثر من ألف عام، وقرره على طريقة أفضل وأصدق وأعمق ... كل شيء قرره الإسلام.