الأثاث في بيته، نعم! فاقضوا عنه فإنه غارم! ".
إلى هذه الدرجة العجيبة يصل الإسلام في تقرير مبدأ مسئولية الدولة عن جميع أفرادها، ويصل التنفيذ العملي في صدر الإسلام لهذا المبدأ قبل أن يثور الثائرون ويطالبوا بهذه الحقوق بأكثر من ألف عام، وما تزال الديمقراطيات -رغم كل خوفها من الشيوعية، وكل خوفها من تمرد العمال- لا تصل إلى تقرير هذا الحق كاملا كما قرره الإسلام.
وأما حق التعبير عن الرأي فإن الإسلام لم يكفله حقا للناس على حكامهم بل جعله واجبا على الناس لله! يقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "الدين النصيحة" قالوا: لمن يا رسول الله؟ قال: "لله ورسوله وخاصة المسلمين وعامتهم" 1 فجعل إبداء النصيحة واجبا. وإبداء النصحية هو التوجيه إلى الصواب والنهي عن الخطأ أيا كان الذي وقع الخطأ منه حاكما أو محكوما، وهذا -في صورته الدينية- هو هو التعبير عن الرأي الذي سعت الشعوب لانتزاعه انتزاعا من قبضة الحكام الكارهين، مع فارق رئيسي, أنه هنا إبداء الرأي مخلصا لله، لتقويم ما اعوج من أحوال المجتمع، لا احترافا للتأييد أو احترافا للمعارضة بحسب موقع الحزب الذي ينتمي الإنسان إليه من الحكم! ولا لهوى شخصي أو بغض شخصي.
ويطلب الإسلام من كل مسلم أن يكون له موقف ويكون له رأي، ليتمكن مجموع الأمة من القيام بأخطر مهمة تقوم عليها خيرية الأمة واستحقاقها للوجود وللفلاح، بينما تقع اللعنة على الأمة إن أهملتها، ألا وهي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} 2.
{وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} 3.
وفي الجانب الآخر: