أما حق التعليم فقد نص عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نصا، بل جعله فريضة: "طلب العلم فريضة على كل مسلم" 1 "وعلى كل مسلمة؛ لأنها داخلة في النص" ودون الدخول في تفصيل ما يكون من العلم فرض عين وما يكون فرض كفاية، فإن التعليم لم تكن له مشكلة في العالم الإسلامي، إلا في العصور المتأخرة حين بعد الناس عن حقيقة الإسلام. أما في عصور الازدهار فقد كان الإقبال شديدا على التعليم، وكانت الدولة والمجتمع والأفراد يتعاونون في توفير العلم لكل راغب مجانا، بلا تكاليف، بل كانت الدولة تجري المعاشات للطلاب لتعينهم على طلب العلم دون مشغلة بأمر القوت، وكانت أوقاف المسلمين الذين يقفون أموالهم على التعليم تكفل المأوى والملبس والمطعم للطلاب فضلا عن التعليم2.

أما حق العمل أو الإعاشة الذي أكرهت الدول الديمقراطية عليه إكراها بسبب المطالبة المستمرة من العمال, وبسبب الخوف من الشيوعية، فقد قرره الإسلام ابتداء دون مطالبة من أحد، ودون صراعات في المجتمع.

وضع الرسول -صلى الله عليه وسلم- قواعد مسئولية الدولة عن جميع رعاياها إما بإعطائهم فرصة كريمة للعمل، وإما بإعالتهم من بيت المال. جاءه رجل يسأله فأعطاه دراهم, وقال له: "اذهب فاشتر حبلا وفأسا واحتطب وبع ما تحتطب للناس". ثم أمره أن يعود إليه ليخبره بما كان من أمره. وكان يوزع أموال الزكاة والغنائم والفيء على المحتاجين بمقتضى قوله تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ} 3.

{وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ} 4.

{مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ} 5.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015