إن ظهر كذب دعواه يعاقب سواء قصد أذاه أو لم يقصد، وذلك منعا لتسلط أهل الشر والعدوان، والسفهاء على أعراض أهل البر والصلاح.
النوع الثاني: المتهم المجهول الحال الذي لا يعرف ببر ولا فجور، وهذا اختلف العلماء في سجنه احتياطيا عند وجود تهمة موجهة له، فرأى الجمهور جواز حبسه حتى ينكشف أمره، ورأى البعض عدم جواز حبسه، فأما الذين يرون جواز حبسه فقد قيدوا ذلك بالضرورة، وبوجود أسباب قوية تدعو إلى ذلك، ثم اختلفوا في مدة الحبس فحددها بعضهم بيوم وبعضهم بيومين وبعضهم بثلاثة أيام.. وأوصلها بعضهم إلى شهر كحد أعلى مع التقييد بالضرورة.
النوع الثالث: المتهم المعروف بالفجور والفساد والسيرة الإجرامية، وهذا يرى جمهور الفقهاء أن يحبس حبسا احتياطيا حتى تثبت براءته إن كان بريئا، وإن كان بعض الفقهاء كابن حزم لا يرى جواز حبس أي إنسان على الإطلاق بناء على مجرد الاتهام؛ لأن الأصل في الإنسان براءة الذمة.
ولأن الأصل براءة الذمة لا يحلف المتهم في القضايا الجنائية المتعلقة بحق الله تعالى، بل يذهب بعض العلماء على عدم تحليف المتهم في القضايا الجنائية المتعلقة بحق العبد "انظر مثلا الطرق الحكمية لابن القيم، ط. دار الكتب العلمية ببيروت، ص100-104".
أما الإكراه على الاعتراف فغير جائز بحال. ولا خلاف بين الفقهاء في أن الضرب والتعذيب والحبس والقيد داخله كلها في الإكراه، وإن اختلفوا في التهديد والوعيد فرأى الجمهور أنه داخل في الإكراه، ورأى البعض أنه لا يكون إكراها إلا إذا صدر من قادر على تنفيذه، وغلب على ظن المتهم وقوع ما هدد به إذا لم يقر، وكان المهدد به ضارا بحيث يعدم الرضا أو يفسده، وكون المتهم عاجزا عن مقاومته.
ولا يعتبر إقرار المكره صحيحا لقوله -صلى الله عليه وسلم: "رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه" , ولقول عمر رضي الله عنه: "ليس الرجل بأمين على نفسه إذا جوعته أو ضربته أو أوثقته" "انظر المغني والشرح الكبير ج8/ ص260-262، ج10 ص172 طباعة دار الكتاب العربي ببيروت 1392هـ -1972م".