بحصاة ففقأت عينه ما كان عليك من جناح" 1.

ويقول صلى الله عليه وسلم: "يا معشر من أسلم بلسانه ولم يفض الإيمان إلى قلبه: لا تؤذوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم، فإنه من تتبع عورة أخيه المسلم تتبع الله عورته فيفضحه ولو في داخل بيته" 2.

ولذلك ذكر بعض الفقهاء، أنه لا يجوز التجسس على الإنسان ولا متابعته للكشف عن أسراره ولا دخول مسكنه لتفتيشه إلا بتوفر شرطين:

الأول: ظهور أدلة وعلامات وقرائن على وجود جريمة معينة.

الثاني: أن يكون في ترك البحث والكشف ودخول المنزل انتهاك حرمة يفوت استدراكها، كأن يأتي الخبر بأن رجلا خلا برجل ليقتله, أو بامرأة ليرتكب فاحشة، فإذا لم يكن الأمر بحيث يفوت استدراكه فلا يجوز البحث والكشف ودخول المنزل.

وفضلا عن ذلك فإن الناس لا يؤخذون بالظنة، دون وجود تهمة جادة من مصدر موثوق به، لقول تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} 3 كما لا يؤخذ إنسان بجريرة غيره لقوله تعالى: {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} 4, وتقييد حرية الإنسان غير جائز إلا بحكم شرعي يصدره القاضي.

فالأصل في الإنسان ضمان حريته في السكن والحركة والتنقل لقوله تعالى: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ} 5.

وتقييد الحرية بغير حكم شرعي -أي: بما يسمى الاعتقال أو الحبس الاحتياطي- غير جائز في الإسلام على خلاف بين الفقهاء بالنسبة لبعض أنواع المتهمين.

فالمتهمون في عرف الفقهاء ثلاثة أنواع:

النوع الأول: متهم معروف بالتقوى والبر يبعد أن يكون من أهل تلك التهمة فلا يجوز حبسه من أجل التهمة، بل ذهب كثير من العلماء إلى أن المدعى عليه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015