وهي أن الرأسماليين هم السادة، هم المشرعون، وأن الشعب هو العبيد الذين يقع عليهم عبء التشريع.

حقيقة إن "العبيد" في ظل الديمقراطية الليبرالية هم في أفضل وضع وجد فيه العبيد في أية جاهلية من جاهليات التاريخ "بسبب طبيعة الرأسمالية الحرة -كما أسلفنا- وعجزها عن تحقيق الربح إلا عن طريق العامل الذي يتمتع بقسط محدود من الحرية" إلا أن هذا لا يغير حقيقة وضعهم، وهو أنهم عبيد.. عبيد مهما امتلكوا -في المسرحية الطريفة- من "مظاهر" الحرية!

إن الحرية الحقيقية لا يمكن أن تتحقق في أية جاهلية تحكم بغير ما أنزل الله1؛ لأن الحكم بغير ما أنزل الله هو الذي يقسم الناس إلى "أرباب" و"عبيد". أرباب يشرعون وعبيد ينفذون، ولا يملك العبيد حرية حقيقية إزاء الأرباب!

إن رد "الحاكمية" لله، أي: التحاكم إلى شريعة الله وعدم التحاكم إلى أي شريعة أخرى غير شريعة الله، فضلا عن كونه من حق الله على عباده؛ لأنه من الخصائص الخالصة للألوهية: {أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ} 2 فإنه في الوقت ذاته هو الضمان الحقيقي لحرية البشر في الأرض، وعدم تحويل بعضهم إلى أرباب وأكثريتهم إلى عبيد لأولئك الأرباب.

إن إخلاص العبودية لله وحده -سواء في إفراده بشعائر التعبد أو إفراده بالحاكمية- هو الذي يلغي في التو وجود الأرباب ويحرر الناس في الأرض من عبادتهم.

فما دام الله وحده هو المعبود -سواء بتقديم الشعائر له وحده أو بتنفيذ شريعته دون كل الشرائع- فمن أين يوجد الأرباب الذين يتعبدون العبيد؟! كلا! لا يتحرر الناس الحرية الحقيقية في الأرض إلا حين يكون الله وحده هو المعبود، والناس كلهم- حكاما ومحكومين- عبيدا لله وحده دون شريك.

عندئذ فقط يولد الناس أحرارًا ويظلون أحرارا إلى أن تنتهي آجالهم على الأرض، وعندئذ فقط يشعر الناس بالاستعلاء -استعلاء الإيمان- على كل قوة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015