لذلك فإن قضية "من المشرع؟ " قضية مهمة بالنسبة للناس على الأرض. وليست قضية جانبية أو ثانوية يمكن التغاضي عنها لقاء بعض المتاع الأرضي الزائد عن الحد، كمتاع الجنس المجنون، أو "متاع" التبذل في الأرض بلا أخلاق، الذي قال عنه:
{وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ} 1.
فهو متاع الحيوان لا متاع الإنسان.
وقضية "من المشرع؟ " هي التي قامت من أجلها الثورات التاريخية كلها حتى هذه اللحظة بسبب المظالم التي تقع من المشرعين الذين يشرعون لصالحهم وصالح الطبقة التي ينتمون إليها. فيثور المظلومون ليرفعوا هذا الظلم أو ليحاولوا رفعه على أقل تقدير.
فإذا كانت القضية على هذا القدر من الأهمية، وكان لها كل هذا الأثر في حياة الناس على الأرض -بصرف النظر عن مصيرهم بعد ذلك- فلننظر من المشرع الحقيقي في الديمقراطية الليبرالية أو في الحقيقة في أي جاهلية لا تحكم بما أنزل الله.
إنهم بادئ ذي بدء بشر، ثم هم بعد ذلك طبقة معينة لها مصالح معينة لا تتحقق بصورتها التي يريدونها إلا على حساب الآخرين.
كان الحاكم في الإقطاع هو أمير الإقطاعية الذي يملك ويحكم، ولا معقب من البشر لحكمه؛ لأنه هو السلطة الوحيدة ولا أحد غيره يملك شيئا من السلطان.
والحاكم في الديمقراطية الليبرالية هو الرأسمالية التي تملك وتحكم ولا معقب من البشر لحكمها، وإن كان التشريع -نظريا- من حق الشعب، والتعقيب نظريا في يد الشعب!
الرأسمالية -يهودية أو غير يهودية- هي التي تدير المسرحية كلها، وهي التي تضع التشريعات للمحافظة على مصالحها على حساب مصالح "الشعب" الذي يقع عليه الظلم السياسي والاقتصادي والاجتماعي في كل جاهلية من جاهليات التاريخ.
ولا ينبغي أن تخدعنا الصيحات والشعارات عن حقيقة الواقع، ولا ينبغي