-فضلا عن الآخرة- يتوقف على جواب هذه القضية وهي كون المعبود هو الله أم شيئا آخر مع الله أو من دون الله ...
والجاهلية المعاصرة تغفل الحياة الأخرى عن عمد وتبرز الحياة الدنيا وحدها وتجعلها مجال الاهتمام وموضع التقويم1؛ لأنها لو وضعت اليوم الآخر في الميزان فقد حسمت القضية, وانتهت من أول لحظة.. فلن يقول أحد إن الدار الآخرة ستكون للملحدين الذين ينكرون وجود الله، أو ينكرون شريعته، أو يكرهون هذه الشريعة ويرفضون تحكيمها في أمور حياتهم!
لذلك فإن الجاهلية المعاصرة لا تتكلم أبدا عن اليوم الآخر وما فيه من بعث ونشور وحشر وحساب وثواب وعقاب! وإن تحدثت عنه فعلى أنه وهم لا حقيقة له، أو قضية "غيبية" لا ينبغي أن يشغل بها نفسه الإنسان المتحضر أو الإنسان الواقعي، أو الإنسان الذي يحترم عقله، أو الإنسان الذي يحترم العلم ويعيش بروح علمية!!
فإذا أصبحت الحياة الدنيا هي مبلغ الناس من العلمو وهي التي يتجه إليها الاهتمام كله ضمن المخططون الشريرون أن تسير الأمور كما يشتهون وأن تسير السائمة من الأمميين في الطريق الذي رسمه شعب الشيطان المختار.
{فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا، ذَلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدَى، وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى} 2.
{وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ، ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ وَأَنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ، أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ، لا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْخَاسِرُونَ} 3.
{لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ} 4.