وينتقصوا أرباحه! وهم من جهة أخرى أولئك "الطفيليون" الذين لا يحسنون شيئًا ويطمعون في كل شيء، "الأغبياء" الذين وقف بهم غباؤهم عن أن يصعدوا إلى القمم التي وصلوا هم إليها..
وحقيقة إن هناك من الفقراء ومتوسطي الحال من يرشحون أنفسهم وينجحون في الانتخابات.. ولكن كيف يصلون إلى هناك؟ إنه لا بد من أحزاب تحملهم وتحمل عنهم عبء المعركة الانتخابية وهو عبء باهظ.
فإذا دخل الإنسان الحزب فقد تغيرت أحواله كلها وأصبح إنسانًا آخر.. أصبح "محترفًا" في عالم السياسة، وهو وحزبه في أحد حالين لا ثالث لهما، وفي أحد موقفين: إما أن يكون حزبه في الحكم فهو ملتزم بتأييد الحكومة في كل ما تصنع، سواء كان في دخيلة نفسه مقتنعًا بما تفعل أو غير مقتنع. وإما أن يكون حزبه في المعارضة -أي: خارج الحكم- فهو ملتزم بمعارضة الحكومة القائمة في كل ما تصنع "إلا أن تكون "مصلحة عامة" أي: يستفيد منها الرأسماليون جميعًا! " سواء كان في دخيلة نفسه مقتنعًا بالمعارضة أو غير مقتنع!
وهكذا تسمع صيحات: العدل. والقيم. والمبادئ. والإنسانية. إلخ.
من الحزب المعارض طالما هو في المعارضة، فإذا وصل إلى الحكم سلك ذات السلوك الذي كان ينتقده ويندد به من قبل! وصار الدور على الحزب المعارض -الذي كان في الحكم من قبل- لينتقد من الحكومة القائمة ذات الأعمال التي كان يسوغها لنفسه وهو في الحكم ويتصايح بدعاوى الإنسانية والعدالة والقيم والمبادئ!
ومن الأمثلة الواقعية -المضحكة- أن حزب العمال في بريطانيا ظل وهو في المعارضة ينادي بضرورة زيادة أجور العمال، فلما وصل إلى الحكم رفض أن ينفذ ما كان يدعو إليه وهو في المعارضة -أو عجز عن تنفيذه! - وسلك ذات السلوك الذي كان يعيبه من قبل على حزب المحافظين وهو تجميد الأجور خوفًا من التضخم!
وصحيح أن هناك "أحرارًا" يصلون إلى البرلمان، ويقولون قولة الحق، وينتقدون بجرأة, ويطالبون بحقوق أصحاب الحقوق، ولكن كم عدد هؤلاء؟ وما وزنهم في المجالس النيابية؟
إن القرارات تؤخذ بالأصوات. ولا ضير في المبدأ في ذاته فهو مبدأ عادل.