داخل المجتمع أو بتكليف الدولة أن تقوم بكفالة من لا كافل له"1 ثم تروج الصحافة من جانب آخر لشركات التأمين و"الخدمات الجليلة" التي تقوم بها، وعن حالة الأسر التي أخذ عائلها بنظام التأمين، فصارت مستقرة لا تهزها الأعاصير!
ويظل إلحاح الصحافة ووسائل الإعلام الأخرى حتى يصبح الأمر حقيقة منتهية لا جدال فيها، أن التأمين لدى شركات التأمين واجب على كل إنسان بعيد النظر، وأنه ضرورة لا غنى عنها في العالم الحديث! ولا يتحدث أحد عن الأرباح الخيالية التي تربحها شركات التأمين الربوية من الناس! ولا يتحدثون عن الأقساط الربوية التي يدفعها المؤَمَّنون.. ويصبح ذلك كله أمرًا واقعًا في المجتمع، بل يصبح أمرًا "روتينيا" يأتيه كل إنسان دون أن يفكر على الإطلاق أنه كان يمكن أن يكون هناك بديل، أو أنه يجب أن يكون هناك بديل.. ويكون هذا هو "الرأي العام" في هذه القضية أو هو العقل الجمعي الذي يضع للناس مقررات الحياة2!
إذا كانت هذه هي طريقة تشكيل "الرأي العام" الذي تعتمد عليه الديمقراطية -في ظاهرها على الأقل- فكيف تكون الديمقراطية هي حكم الشعب على الحقيقة؟!
إن الرجل العادي -الذي يسمونه "رجل الشارع" كأنه لا بيت له ولا انتماء له- مشغول بأحواله المعيشية الخاصة عن النظر الحقيقي في الأمور العامة, وتكوين رأي مستقل فيها. وذلك لسببين: أحدهما عام لا يختص ببيئة معينة ولا زمن معين، هو أن الأغلبية الكبرى من الناس لا تحب أن تشغل نفسها بالأمور العامة ولا تصبر على التعمق فيها, وليس عندها الأدوات المعينة على ذلك من تفقه وتدبر وبعد نظر وإحاطة بالأسباب والنتائج، فتحب أن تترك هذه الأمور لفئة معينة من الناس، تثق فيها وتكل إليها هذه المهمة الخطيرة. والسبب الثاني خاص بهذه الديمقراطية الليبرالية بالذات، أو هو في الحقيقة خاص بالجاهليات جميعًا ولكنه في هذه الجاهلية التي يشرف اليهود على