هاوية الإفلاس! ولا ضير في الوقت ذاته على الرأسمالية من مناوشات سطحية في الصحف تنتقد كما تشاء دون أن تصيب الجذور! بل هو أمر في صالح اللعبة في نهاية المطاف!
فإذا كانت الصحافة -التي تؤثر التأثير الأكبر على "الرأي العام"- واقعة في قبضة الرأسمالية إلى هذا الحد، فلنا أن نتوقع أن تكون الأفكار التي تصوغها وتنشرها هي ما تريده الرأسمالية، أو في القليل هي ما لا يتعارض مع المصالح الحقيقية للرأسمالية, ومثل الصحافة بقية وسائل الإعلام فهي واقعة بصورة أو بأخرى في ذات القبضة الشريرة التي توجه الأفكار وتشكل المواقف للناس!
ولنأخذ ثلاثة نماذج مختلفة من طريقة تشكيل "الرأي العام" في مسألة سياسية، ومسألة اجتماعية، ومسألة اقتصادية تخدم كلها مصالح الرأسمالية ويبدو فيها "الرأي العام" كأنما تشكل من تلقاء نفسه, واتجه إلى الوجهة التي اتجه إليها!
لنفرض أن المطلوب هو إشعال حرب في مكان ما على سطح الأرض. وهو أمر يهم الرأسمالية من جميع الوجوه المتخيلة! وأولها بيع السلاح الذي يدر على صانعيه أرباحًا خيالية "ونصرف النظر -مؤقتًا- عن أن تجار السلاح في العالم من قديم الزمان هم اليهود"1! فكيف يهيأ "الرأي العام" لتقبل الحرب أولًا، ثم التحمس لها ثانيًا، ثم المطالبة بها أخيرًا!
تبدأ الصحف -وكذلك وسائل الإعلام- في نشر أخبار قصيرة مثيرة تثير عند الغافلين -والرأي العام دائما غافل- نوعًا من التطلع والانتباه. ثم يزاد في طول الخبر ويؤتى بمزيد من التفاصيل.. ثم يصبح الموضوع هو الحديث اليومي في الصحافة والإذاعة والتليفزيون.. ثم يزاد في نغمة الإثارة حتى تشحن النفوس بالوقود. ثم تأخذ الصحافة في استطلاع "الرأي العام" "كأنما لم تكن هي التي وجهته" فإذا الرأي العام متحمس! إذن لا بد من مطالبة الحكومة بالتحرك! وإذن تبدأ الحكومة في الإعداد.. ثم تنطلق شرارة الحرب، ويباع السلاح، وتتحقق الأهداف المطلوبة من وراء "المشروع"!