عن كثير من مظاهر قداستها "وإن كانت ما تزال بعد تملك الكثير! "1.

أما ضمانات المحاكمة -بعد ضمانات الاتهام والتحقيق- فهي حق المتهم في إقامة محام يقوم بالدفاع عنه أمام المحكمة، يختاره بنفسه إذا كان يملك دفع "أتعابه" "أي: الأجر الذي يتقاضاه مقابل الدفاع عن المتهم" أو تنتدبه له المحكمة مجانًا إذا كان فقيرًا لا يملك دفع الأتعاب. وحقه في الامتناع عن الرد على أي سؤال توجهه المحكمة إليه، وحق المحامي في منعه من الإجابة على أي سؤال يرى من معرفته بالقانون أن الإجابة عليه تضر بالمتهم، وحقه في استدعاء الشهود الذين يرى أن شهادتهم تنفعه في قضيته، وحق المحامي في طلب التأجيل للاستعداد أو لمزيد من الدراسة أو لتقديم أدلة جديدة. ثم حق المتهم في استئناف الحكم إذا رأى أنه جار عليه أو أوقع عليه جزاء لا يستحقه "ويقابله حق النيابة في استنئاف الحكم إذا رأت أنه أقل مما يستحقه المتهم".

وأما ضمانات التنفيذ فهي أولًا تنفيذ العقوبة التي قررتها المحكمة دون زيادة عليها، وثانيًا حسن معاملة المجرم داخل السجن في فترة العقوبة، فلا توقع عليه عقوبة بدنية ولا إهانة إلا نتيجة إخلاله بنظام السجن، الذي تتضمنه لائحة معينة تحدد علاقة السجين بسجانيه، وتوفر له الرعاية الطبية إذا مرض، ويكون من حقه الشكوى من إدارة السجن إلى النيابة العامة، ومقابلة محاميه في السجن إذا عنّ له ما يستدعي ذلك، وزيارة أهله له زيارة دورية. وتطور الأمر الآن في بعض السجون إلى السماح للسجين بزيارة أهله في منزله في فترات محددة، حيث يقضي ساعات بين زوجته وأطفاله -تحت الحراسة- ثم يعود إلى السجن!

تلك خلاصة الحقوق والضمانات التي منحتها الديمقراطية للشعب، أو بالأحرى استخلصها الشعب لنفسه في ظل الديمقراطية، والتي أصبحت اليوم هي مضمون الديمقراطية في نظر الغرب2.

وإذا نظرنا إلى حال "الشعب" في ظل الإقطاع فلا شك أن الديمقراطية -بالصورة التي صارت إليها- كانت نقلة كبيرة رفعت الشعب من حضيض "اللاشيئية" و"اللاإنسانية" إلى أن يصبح له اعتبار، ويعامل -في جانب من جوانب الحياة- معاملة الإنسان.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015